بحـث
المواضيع الأخيرة
التأويل الباطني عند الجمهوريين
سلام عادل :: الاولى :: معتقدات واديان
صفحة 1 من اصل 1
التأويل الباطني عند الجمهوريين
امقدمـــــة:
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:
فقد اخترت لهذا البحث عنوان " التأويل الباطني عند فرقة الجمهورين بالسودان" و التأويل هو صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة، فالظاهر عند الباطنية هو الأمثال المضروبة للمعاني الخفية، فالتأويل في نظرهم هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر النصوص و باطنها. و التأويل الباطني هو أساس الشرع المبدل الذي هو التأويلات الفاسدة، و التفاسير المقلوبة، و الأحاديث المكذوبة، و البدع الفكرية المضلة التي أدخلت في الشرع عن قصد من الفرق الباطنية المعاصرة و القديمة. و فرقة الجمهوريين بالسودان فرقة معاصرة لها خطرها على عقائد المسلمين، و قد جعلت هذه الفرقة- كغيرها من الفرق الباطنية المعاصرة- ما وصلت إليه من تفسير القرآن الكريم و شرح السنة النبوية سبباً في الخروج على الكتاب و السنة لما ظنوه معارضاً لهما لما يسمونه قياساً و رأياً و عقليات و قواطع.
و الهدف من هذا البحث بيان أن الفرق الباطنية عموماً و فرقة الجمهوريين - على وجه الخصوص- قد بنت عقائدها على التأويل الباطني و الأحاديث الموضوعة. و في هذا البحث سوف أنبه على المآخذ التي أراها في منهجهم المعرفي و تأويلهم الباطني.
و قد اقتضت طبيعة البحث أن يكون في محورين، تناولت في المحور الأول التعريف بمصطلح التأويل الباطني و التعريف بفرقة الجمهوريين. أما المحور الثاني فقد تناولة فيه التأويل الباطني عند الجمهوريين.
هذا هو جهدي المتواضع أقدمه، مع علمي أن كل كسب بشري عرضة للخطأ و الصواب و المراجعة في زمنه و الأزمان التالية، فإن و فقت فالحمد لله رب العالمين، و إن أخطأت فأرجو من الإخوة الكرام تصويبي و تصحيح ما وقعت فيه من أخطاء. و أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجه الكريم، و أن يوفقني لما يحبه و يرضاه، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المحور الأول: التعريف بمصطلح التأويل:
التأويل عند السلف:
يطلق التأويل على عدة معان فيراد به الحقيقة و العاقبة، " حقيقة ما يؤول إليه الكلام، و إن وافق ظاهره. و هذا هو المعنى الذي يراد بلفظ التأويل في الكتاب و السنة كقوله تعالى هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) الأعراف:35.
و يراد بلفظ التأويل أيضاً التفسير، و هو كثير في اصطلاح المفسرين، و لهذا قال مجاهد – إمام التفسير- "إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه، فإنه أراد بذلك تفسيره و بيان معانيه و هذا مما يعلمه الراسخون"
التأويل عند المتأخرين:
هو صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه إلى مايخالف ذلك لدليل منفصل يوجب ذلك: أو بعبارة أخرى "صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر يحتمله اللفظ لدليل يقترن به مع قرينة مانعة من المعنى الحقيقي"، و هذا النوع من التأويل يعذر به المسلم، فالعذر بالتأويل كالعذر بالخطأ مما قال به أهل السنة، " فقد يتلبس الإنسان بالكفر أو يقع فيه نتيجة لقصور في فهم الأدلة الشرعية، دون تعمدٍ للمخالفة، و لكن لا يعذر الإنسان بكل تأويلٍ بل من التأويل ما يعذر به و منه ما لا يعذر به.
و التأويل الذي يعذر به:
1. إذا كان التأويل يحتمله المعنى أو له وجه في الفهم فيعذر به الشخص.
2. أن لا يكون التأويل في أصل من أصول الدين.
و تسمية هذا النوع من التأويل تأويلاً لم يكن في عرف السلف، و إنما سَمَّي هذا تأويلاً جماعة من العلماء المتأخرين، و ظنوا أن قوله تعالى و ما يعلم تأويله إلاّ الله) (آل عمران:7) يُراد به هذا المعنى. ثم صاروا في هذا التأويل على طريقتين – كما يقول ابن تيمية- " قوم يقولون إنه لا يعلمه إلا الله، و قوم يقولون الراسخون في العلم يعلمونه، و كلا الطائفتين مخطئة، فإن هذا التأويل في كثير من المواضع من باب تحريف الكلم عن مواضعه" خاصة التأويل الذي لا يعذر به، التأويل الباطني، فمثل هذا التأويل لا يقبل و لا يعذر به، و من هذا النوع تأويلات الباطنية الأوائل أمثال الخطابية، البيانية، الجناحية، المغيرية، العجلية، المحمرة، البابكية، الخرمية و الاسماعيلية، و الحركات الباطنية المعاصرة من أمثال البابية، البهائية، القاديانية، الدروز، الإسماعيلية و فرقة الجمهوريين بالسودان.
و قد أجمع العلماء على كفرهم و أنهم لا يعذرون بالتأويل لأن حقيقة مذهبهم الكفر بالله تعالى و عدم عبادته وحده و إسقاط شرائع الإسلام.
التأويل الباطني:
التأويل عند الباطنية هو صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة، فالظاهر عند الباطنية هو المعاني الخفية المطلوبة. فالتأويل الباطني أمر لا بد منه عند الباطنية في فهم الشريعة الإسلامية، فالشريعة عندهم مشتملة على ظاهر و باطن لاختلاف فطر الناس و تباين قرائحهم في التصديق، فكان لا بد من إخراج النص من دلالته الظاهرية إلى دلالته الباطنية بطريق التأويل، "فالظاهر هو الصور و الأمثال المضروبة للمعاني، و الباطن هو المعاني الخفية التي لا تتجلَّى إلاّ لأهل البرهان. فالتأويل في نظرهم هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر الإقاويل و باطنها".
قال الباطنية: " القرآن ظاهر و باطن، و المراد به باطنه دون ظاهره المعلوم من اللغة، و نسبة الباطن إلى الظاهر كنسبة اللبِّ إلى القشر، و المتمسك بظاهره معذب بالشقشقة في الكتاب، و باطنه مؤدٍّ إلى إلى ترك العمل بظاهره، و تمسكوا في ذلك بقوله تعالى فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب)(الحديد:13).
و قد اتخذ الباطنية من أمثال الخطابية، الجناحية، المغيرية، العجلية، الشيخية، البابية، البهائية، الإسماعيلية الأغاخانية، فرقة الجمهوريين بالسودان، البهرة و القاديانية التأويل الباطني الذي لا يلتزم بقواعد اللغة و دليل العقل، و الشرائط التي وضعها العلماء للتأويل الذي يعذر به. و اتخذوا ذلك المنهج وسيلة لهدم الدين و تحريف أصوله و قواعده، و جعلوه طريقاً يوصل إلى إسقاط التكاليف الشرعية. و بلغ الأمر منتهاه عند الإسماعلية و إخوان الصفا و غيرها من الفرق التي ربطت التأويل بألوان من العلوم الغامضة و اشتغال بالحروف و الأعداد و أسرارها.
قال الديلمي تحت عنوان "ذكر طرف من تأويلاتهم الباطنية" : "اعلم أن مذهبهم في الجملة أنه لا بد لكل ظاهر من باطن و هو المقصود حقيقة، و هو بمنزلة اللب، و الظاهر بمنزلة القشر، و عمّوا بذلك جميع الكلام و أنواع الإجسام، و لم يعتبروا المطابقة بين الظاهر و الباطن، بل تأويلاتهم لا تناسب الظاهر من حيث الحقيقة و المجاز، و لم يقتصروا مع ذلك على تأويلٍ واحد، بل أثبتوا تأويلاً للتأويل، و جعلوا للعبارة الواحدة تأويلات عدَّة حتى ذكر صاحب (المبتدأ و المنتهى) – وهو من أكابرهم في الكفر و الضلالات و العمى- قال: و قد روي عن موالينا عليهم السلام أنّا نقول الكلمة لها سبعة وجوه. فقال قائل: سبعة وجوه!. فقال سبعون. فقال القائل: سبعون!. فقال: سبعمائة. فكل ما ارتجَّ على قارئه و خفيت معرفته و دقت عليه إشارة و كنا بقربه فليسألنا عنه، أو من يعلم أنه أعلم من أبناء جنسه ممن يحمل هذا العلم، و متى كان الأمر على ما ذكره فلا يمكن الوقوف على المراد بالكلام أصلاً و الحال هذه، و لعل السائل لو قال له: سبعمائة!. لقال سبعة آلاف ثم هكذا، لأن تحقيق ذلك خرج عن الحصر لعدم المطابقة، و هذا يحقق لكل ذي تمييز أن غرض القوم ما قدمنا من الخلع عن الدين، و السلخ عن دين المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، و قد قال تعالى: (و يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودَّة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) (الزمر:60).
و قال أبو حامد الغزالي، الصوفي، الأشعري، الشافعي(450-505هـ): "أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن القرآن و السنة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريف زخرفوها، و استفادوا بما انتزعوه من نفوسهم من مقتضى الألفاظ إبطال معاني الشرع، و بما زخرفوه من التأويلات تنفيذ انقيادهم للمبايعة و الموالاة، و أنهم لو صرحوا بالنفي المحض و التكذيب المجرد لم يحظوا بموالاة الموالين، و كانوا أول المقصودين المتقولين".
و قال العلوي: " اعلم أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن التصديق عمدوا بلطف الاحتيال و دقة الاستدراج، فصرفوا ظواهر الشرع و نصوصه إلى هذيانات لفقوها، وتهويسات جمعوها و زوَّروها، ليستفيدوا بذلك إبطال معاني الشرع و هدم أساسه، و أوقعوا في نفوسهم أنهم لو صرحوا بالنفي المحض و التكذيب الصرف لم يثقوا بانقياد الخلق لضلالتهم، و لا بإصغاء سمع أحد إلى جهالتهم فقالوا: "كل ما ورد من التكاليف، و الحشر و النشر، و ضمائر النصوص، و الظواهر، و جميع المعجزات، فهي بأجمعها أمثلة و رسوم إلى بواطن مكذوبة، و أمور محرفة موهومة".
فرقة الجمهوريين بالسودان:
إن أول نواة لفرقة بالسودان هم مجموعة من السودانيين الذين انتموا إلى الجماعة التي أسسها محمود محمد طهفي الأربعينات من القرن الماضي. و كانت بداية هذه الجماعة نتيجة لظروف مشابهة للظروف التي أسهمت في كثيراً في ظهور الأحزاب السياسية السودانية، إلا أن هذه الجماعة كانت علمانية الاتجاه بصورة واضحة و أعلن زعيمها ذلك في سَفْره الأول الذي أعلن فيه أن الدين ويعني- الإسلام- ليس بمفلت من التشكيك و يجب أن يوضع على منضدة البحث العلمي لرفض ما لا يتناسب مع العصر عن طريق تأويل النصوص التي لا تتماشى مع القرن العشرين كنصوص الجهاد و العبادة. و مع أن اتجاه هذه الجماعة كان واضحاً منذ البداية إلا أن زعيمها حاول أن يصبغها بصبغة دينية حتى يجد سنداً شعبياً في بلد يدين معظم أهله بالإسلام و ينتشر فيه التصوف.
و ظهرت فرقة الجمهوريين باتجاهها الباطني المخالف للإسلام في عام 1965م العام الذي أعلن فيه زعيمهم بأنه قد استقام له أمر نفسه و أصبح على مشارف الوصول للمعية بالذات. و خرج من جماعة الجمهوريين عدد من الرجال بعد أن أصبحت فرقة باطنية، كما دخل فيها آخرون إعجاباً بتأويله للخطاب الديني. و قد نجح محمود محمد طه في ملء فراغ أتباعه الفكري بفكره التلفيقي الذي جمعه من أفكار و فلسفات الفرق الباطنية في القديم و الحديث، و من الفلسفات الإلحادية و المذاهب المعاصرة.
و قد قام الفكر الجمهوري في بدايته على أصول فلسفية منها:
1. مذهب وحدة الوجود، وهي وحدة وجود مادية تجعل الحق سبحانه و تعالى مادة الأشياء.
2. أزلية و أبدية المادة.
3. المعدوم شيئ ثابت في العدم و هو عين الله بمعناه البعيد.
4. عقائد النِّحل الباطنية في القديم و الحديث.
5. عقيدة التجسد الإسماعيلية أو البهائية.
6. الفلسفة الوجودية.
7. الفلسفة الشيوعية.
8. النظرية الدارونية بديلاً للخلق من عدم.
و أضاف إليها الجمهوريون اليوم (النظام العالمي الجديد).
المحور الثاني: التأويل الباطني عند الجمهوريين:
الاتجاه الجمهوري في التفسير اتجاه باطني، هو باب من الإبواب دلف منها الجمهوريون إلى ترويج مذهبهم و نشره اعتماداً على ما أثبته محمود محمد طه لنفسه في هذا الباب، فقد بلغت به الجرأة أن أثبت لنفسه كثيراً من الآيات التي نزلت صريحة في حق نبينا صلى الله عليه و سلم،و أثبت كثيراً من الآيات التي تحدثت عن عيسى عليه السلام، كما ذكر أن الآيات التي تتحدث عن الصراط و عن يوم القيامة، و عن مسائل غيبية كثيرة تتحدث عنه و عن فرقته، و حرَّف آيات القرآن الكريم تحريفات معنوية و لفظية يصعب حصرها، و استعان في ذلك بمناهج الباطنية الذين يتطرفون في تأويل المصطلحات الإسلامية و الكلمات الشرعية المتواتر لفظها و معناها ومفاهيمها، و يتوصلون إلى فتح باب الإلحاد و الفساد و الفوضى الفكرية على مصراعيه، و العبث بالدين و بعقول الناس .
و يرى محمود محمد طه أن التفسير الذي يقدمه لآيات القرآن هو التفسير المراد، وهو الذي يحمل المعاني الحقيقية للقرآن الكريم، و هو من هذه الناحية لم يسبق أن قدمه أحد، فهو المعنى البعيد الذي عند الله، المعنى الذي نزل معه المعنى القريب.
و يرى محمود محمد طه – زعيم الجمهوريين – أن المفسرين السابقين من الصحابة و التابعين و غيرهم لم يستطيعوا فهم النصوص الأصلية و بيانها، وذلك لاعتمادهم على اللغة العربية، و اللغة العربية – عند الجمهوريين – لا تحمل من معاني القرآن الحقيقية شيئاً، و لا تخبر عن المقصود عنه في الحقيقة، و لذلك لا بد من التأويل الباطني و صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة التي اتبعها الصحابة و التابعون لهم، فالصحابة رضي الله عنهم في نظر الجمهوريين لم يستطيعوا فهم النصوص الفرعية التي يستطيعون متابعتها، و ترك أمر بيان و تفسير النصوص الأصلية للجمهوريين.
سل الحسام المغمـد
و بدا هنالك أحمـد
بك حجة لا تدحـض
لك أول في العابدين
و يرى الجمهوريون أن زعيمهم هو الذي استطاع استيعاب النصوص الأصلية لأنه الأصيل الأول و الوارث المحمدي الذاتي المقام الذي ترقى في سيره المحدود إلى المطلق و من العلم الناقص إلى العلم الكامل.
و يستعين الجمهوريون في منهجهم الباطني و تأويلهم للنصوص ببتر الأجزاء التي يصعب تأويلها من النص، فيذكرون جزءاً من الحديث أو الآية للإيهام، خاصة إذا رأوا أن الجزء المبتور يبيِّن فساد عقيدتهم، أو يؤكد بعدها عن الدين، و لذلك يحرصون على ذكر الجزء من الحديث الذي يوافق هواهم، و مما لا شك فيه أن هذا إهمال – عن قصد- لأحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم . و الغرض من ذلك البتر جعل السامع يعتقد صحة الأدلة التي استدل بها باتر النصوص مع ما في الجزء المبتور من بيان لفساد عقيدته، كما أن بتر النص قد يعطي معنىً مخالفاً لما يعطيه النص بأكمله، بل قد يدفع بصاحبه إلى الكفر، و لذلك نبهنا أكثر من واحد من السلف إلى عدم بتر النصوص حتى في الكلام العادي، و نستدل لبيان أن نصف الجملة قد يدفع بصاحبه للكفر -إن اعتقده- بجمل استخدمها الأشعري رحمه الله " إن الكفر باطل، و الكفر قضاء الله تعالى، بمعنى أنه خلق الله، و لا يقول قضاء باطل، لأنه يوهم أنه لا حقيقة لقضاء الله، وهذا كما نقول الكافر مؤمن بالجبت و الطاغوت، ولا نقول مؤمن و نسكت لما فيه من الإبهام".
و لأهمية ذكر الأحاديث كاملة دون بتر جزء منها اهتم العلماء بالحفظ، و احتاطوا في الأخذ عمَّن يأتيه الخطأ من جهة الحفظ ناهيك عن المتروكين الذين يبترون النصوص عن قصد، بل اهتموا بالحديث الذي تذكر من بعض رواياته زيادة، و احتاطوا في هذه المسألة لأن إهمال الزيادة الواردة في رواية من الروايات و فيها معنى زائد يحتاجه المسلم إهمالٌ لحديث النبي صلى الله عليه و سلم، لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام، و لذلك ترى أئمة الحديث كالإمام مسلم يعيد الحديث الذي فيه زيادة، و يميل في معظم الأحيان إلى إعادة الحديث الذي فيه زيادة في بعض رواياته بهيئته لأن ذلك أسلم.
في الوقت الذي نجد فيه أن الجمهوريين يميلون إلى بتر النصوص كما نجدهم أيضاً إلى زيادة ألفاظ من عندهم لبعض الأحاديث الصحيحة. و خطر التأويل الباطني يتمثل في أنَّه أصبحت للباطنية مصطلحات خاصة بهم، ظاهر ما يتبادر إلى ذهن المسلم من معانيها لا يتعارض مع الإسلام، بل هي مصطلحات إسلامية اصطلح المسلمون عليها، أو عرفوها من دينهم، بينما حرف الباطنية تلك المصطلحات عن معانيها الظاهرة و اصطلحوا على معنيين لكل مصطلح. فحينما يسمع السامع لفظاً من الألفاظ التي اصطلح عليها الباطنية يتبادر إلى ذهنه المعنى الذي تعارف عليه المسلمون و يكون حكمه على مذهبهم تبعاً لذلك.
فالجمهوريون – على سبيل المثال- و هم من الباطنية يستخذمون عبارات وضعت بالأصل لنظم خاصة مختلفة عن النظام الإسلامي، كما يستخدمون مصطلحات إسلامية ( حديثية و فقهية و توحيدية) متفق عليها في معاني أخرى مختلفة تناقض ما أراده المسلمون من تلك المصطلحات.
و من الأمثلة الواضحة الدلالة على ذلك المصطلحات التالية:
أمثلة لبيان أن كل كلمة عند الجمهوريين لها معنيان و ما يترتب على ذلك من إضلال الناس:
الله:
الله علم على الذات المقدسة المعبودة بحق. و هذا معروف عند المسلمين، أما محمود محمد طه – زعيم الجمهوريين- فيرى أن اسم الله – تبارك و تعالى- يطلق على معنيين: معنىً بعيد و هو ذات الله الصرفة، و هي فوق الأسماء و لو لا أنها تنزلت في مراتب الوجود المختلفة لما عرفت.فكلمة (الله) عند الجمهوريين في معناها البعيد ليست إلا إشارة بسيطة غامضة لا يمكن أن توصف و لا تسمى و لا تعرف إلا بعد تنزُّلها. فالتنزُّل الإول من الذات الساذجة إلى مرتبة الأسماء (الله) ثم التنزل الثاني من مرتبة الإسماء إلى مرتبة الصفات (الرحمن). و أما المعنى القريب (لله) – في رأي الجمهوريين- اسم للمحدث الكامل- الإنسان الكامل- و هي مرتبة البشر الكامل، و تشير إلى التعيين الأول الذي ليس بينها و بين صرافة الذات أحد من الخلق، و إنما هو بين جميع الخلق و بين الذات، و تقوم جميع الصفات و الإسماء الإلهية بالتعين الأول، أي بالإنسان الكامل.
قال الجمهوريون: ".. و أن اسم الله تبارك و تعالى يطلق على معنيين أيضاً معنى بعيد و هو ذات الله الصرفة، و هي أمر فوق الإدراك و فوق الأسماء و فوق الإشارات، و لولا أنها تنزَّلت لما عرفت، و معنى قريب و هو مرتبة الإنسان الكامل الذي أقامه الله خليفة عنه في جميع العوالم و أصبغ عليه صفاته و أسماءه حتى اسم الجلالة (الله) حيث قيلت إنما تشير إلى هذين المعنيين.
و النتيجة التي يخلص إليها الناظر في حديث الجمهوريين عن اسم الجلالة (الله) يجد أن هؤلاء الباطنية يقولون في أذكارهم دائماً (الله)،(الله) بلسان الحال حتى يتم تحقيقها بلسان المقال، أو تتحقق بالهجرة إلى النفس العليا – التي هي عندهم نفس الله!!.
و ليس في نظام الجمهوريين الفكري و لا في حقيقة الجمهوريين العارفين بحقيقة مذهبهم موضع لله سبحانه و تعالى، و لا للإيمان بأنه الرزاق ذو القوة المتين، و قد ساروا في هذه المسألة على درب حسين المازندراني زعيم البهائية، و قد استدل الباطنية في حديثهم عن عقيدة التنزُّل و التجسد الإسماعيلية أو البهائية بحديث قالوا إنه قدسي " كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فتعرَّفت إليهم حتى عرفوني".
قال محمود محمد طه: " فالله من حيث ذاته المطلقة كان و لا يزال و لن ينفك في حضرة خفاء، و لكن لكي يعرف تنزَّل إلى مرتبة القيد – مرتبة الخلق- و كان أول التنزُّل إلى مرتبة الاسم (الله) هو الحقيقة المحمدية المشار إليها بقول المعصوم " أول ماخلق الله نور نبيِّك يا جابر" و عن كون ذات الله الصرفة لا تعرف، و لا توصف، و لا يشار إليها بشيئ قوله تعالى سبحان ربك ربِّ العزة عمّا يصفون)(الصافات: 180) يعني تنزَّه الله في ذاته عن كل وصف... (و سلام على المرسلين)(الصافات:181) يعني خير ما وصف الله المرسلين..".
و يرى الجمهوريون أن جميع الآيات القرآنية تتحدث عن مقام الاسم (الله)، و جميع آيات الصفات تتحدث عن التجسيد، و كل الإحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة أو نزوله إلى السماء الدنيا إنما تتحدث عن مقام الإسم.
و قد أوَّل الجمهوريون جميع الأحاديث التي تتحدث عن الرؤية، أو نزول الله إلى السماء الدنيا. فصفات الله عند الجمهوريين إنما هي صفات الإنسان الكامل أو الحقيقة المحمدية أو التعيين الأول للذات الإلهية، أو التجسد الإول. و النصوص القرآنية التي تتحدث عن صفات الله و أسمائه – عند الجمهوريين- المقصود بها الله بمعناه القريب – الإنسان الكامل- !! قال الجمهوريون: " و مقام الاسم (الله) الحقيقة المحمدية هو مقام الملكوت، و لكنه بفضل الله يتنزل في كل حين إلى عالم الملك حتى يتجسد على الأرض، و لحظة تجسيده هي لحظة ظهور المسيح".
كلمة إسلام:
عندما يتحدث الجمهوريون عن الإسلام لا يعنون ما يعنيه المسلم عادة من هذه الكلمة و إنما يعنون مذهبهم الجمهوري.
قال الجمهوريون: " و نحن عندما نتحدث عن الإسلام لا نعني ما يعنيه الناس عادة عن الإسلام...". و قال الجمهوريون في كتيبهم ( الجمهوري و المهاجر الاكتويري): "إن الإسلام ليس غير الفكرة الجمهورية، ذلك بأن سائر المسلمين بفرقهم المختلفة ليسو على شيئ".
الشهود الذاتي:
يقصدون به شهود تجليات الذات الإلهية على النفس الإنسانية. فالرسول صلى الله عليه و سلم عند الجمهوريين قد شاهد التجليات الإلهية قبل أن يصل إلى مستوى الشهود الذاتي في جبريل.
الشهود الأسمائي:
يقصد به الجمهوريون شهود تجليات الذات في الخلق،. قال محمود محمد طه: " فالشهود الأسمائي هو شهود تجليات الذات في الخلق فقد شاهد النبي التجليات الإلهية في جبريل، و القرآن يقصُّ علينا هذه الآيات (علَّمه شديد القوى)(النجم:5) (ذو مرَّة فاستوى)(النجم:6) وصف لجبريل بالشدة، و معنى فاستوى في صورته التي خلقه الله عليها و هي أعلى ما يكون جبريل مظهراً للتجلي الأسمائي، و إلى ذلك الإشارة بقوله (و هو بالإفق الإعلى)(النجم: 7) مما يلي الذات، (ثم دنا فتدلَّى)(النجم: تنزَّل في التجلي الأسمائي إلى مرتبة الصفة إلى مرتبة الفعل حيث استقر (فكان قاب قوسين أو أدنى)(النجم:9) و في هذا الثالوث إشارة لطيفة إلى العقل لا يتسع المقام لاستقرائها (فأوحى إلى عبده ما أوحى)(النجم:10) فأوحى جبريل إلى عبده ما أوحى!!".
حق الحرية: يقصد بها الجمهوريون الديمقراطية.
حق الحياة: يقصد بها الجمهوريون الاشتراكية.
أدب الوقت:
أدب الوقت عند الجمهوريين هو الحضور في اللحظة الحاضرة، و أن يعيش الإنسان اللحظة لا يفكر في الماضي أو في المستقبل. و أدب الوقت هو السبيل الوحيد عندهم ليحقق الإنسان من المطلق شيئاً و يكسب شيئاً من صفاته، و يساعد في شهود من لا يحويه الزمان و لا المكان، يساعد في شهود المطلق الشهود الذاتي!.
مقام الوسيلة:
مقام الوسيلة عند الجمهوريين مقام بين المطلق و المقيد، بين الخالق في إطلاقه و بين الخلائق من قمتها إلى قاعدتها. و هو المقام المحمود الذي تحقق للنبي صلى الله عليه و سلم ليلة الإسراء و المعراج التي ارتفع فيها حجاب الفكر عن النبي صلى الله عليه و سلم و تمت له الوحدة الذاتية و المكانية و حقق الأحدية. و هذا المقام عند الجمهوريين ليس حكراً على الرسول بل يمكن التوصل إليه بالهجرة من النفس السفلى إلى النفس العليا.
تحقيق الأحدية:
تحقيق الأحدية عند الجمهوريين هو الوصول إلى الله، و الوصول إلى الله عندهم عبارة عن الوصول إلى النفس العليا، التي هي نفس الله!.
الأصيل الإول:
يقصد بها الجمهوريون الحقيقة المحمدية متنزِّلة في الإرض، و بنزولها في الأرض يتم إنزال ملكوت السماء إلى الأرض. و الأصيل الأول في مواجهة الذات الإلهية هو أول قابل لتجلي المطلق و هو الذي يقيد المطلق.
الحق:
الحق عند الجمهوريين هو وجه الأشياء الذي يلي الحقيقة و هو الذي يستطيع أي إنسان -في رأيهم- في هذا العصر المتطوِّر تحقيقه من المطلق في الزمان و المكان، فمثلاً علم الإنسان النسبي هو ما يحققه أي إنسان في الزمان و المكان من علم المطلق، أما الذي يحققه الإنسان المتجلي بأدب الوقت فهو العلم المطلق.
منهج الجمهوريين في تفسير القرآن الكريم:
قول الجمهوريين بأن لكل كلمة في القرآن معنى بعيداً و معنى قريباً:
يؤمن الجمهوريون بأن لكل كلمة من كلمات القرآن الكريم معنى قريبا و معني بعيداً. و المعنى القريب هو الظاهر، و المعنى البعيد هو الباطن، و المعنى القريب هو الذي يمكن معرفته بمعرفة اللغة و إجادتها، و المعنى البعيد عند الرب لا يعلمه إلا الرسل و الأنبياء،أو الذين يستطيعون أن يتلقوا شريعتهم من الله كفاحاُ!!.
قال محمود محمد طه: "و من الأمور التي لا بد من تقريرها لتعين على فهم القرآن هو أن القرآن كله مثاني، كل آية فيه، و كل كلمة، بل و كل حرف.. و إلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: (الله نزَّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعرُّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء و من يضلل الله فما له من هادٍ)( الزمر:23) و معنى مثاني أنه معنيين اثنين، معنىً بعيد عند الرب و معنىً قريب تنزل من الرب إلى العبد.
زعم الجمهوريين أن لكل آية معنى قريباً و معنى بعيداً:
أمثلة لتفسيرهم:
1. قال تعالى: (و التين و الزيتون، و طور سينين، و هذا البلد الأمين)(التين:1-3) قال محمود محمد طه في تفسير هذه الآيات: يقول المفسرون في ذلك أن الله تبارك و تعالى أقسم بهذه الأعيان ((و التين)) .. و هو المعروف المأكول.. ((و الزيتون)) كذلك ((و طور سينين)) جبل بسيناء الذي كلَّم عليه موسى بن عمران ((و هذا البلد الأمين)) مكة المكرمة.. و لكن هذا التفسير قريب من القرب، و هو ما تعطيه اللغة، و في المعرفة الحقيقية الله لا يقسم إلا بنفسه، و هذه الأعيان في السور إن هي إلا رموز إليه تعالى تترقي في سلم من القاعدة إلى القمة، و هو سلم على شكل هرمي إن صح هذا التعبير، و هي قبل أن تصل في سلم الترقي إلى مستوى الرمز إليه تعالى إنما ترمز إلى الإنسان، لأنه في هذا السلم بينهما، أعني بين الإعيان و بين الله.
كما أن هذه الأعيان في رأي محمود محمد طه تشير إلى أربع مستويات من المستويات التي تشكل الشكل الهرمي الذي تشكله القوى البشرية المركوزة في البنية الجسدية، و هي النفس الحيوانية، و النفس الإنسانية، و النفس الملائكية –الروح- أو الذكاء- و النفس الكبرى التي هي القلب.
فالتين رمز للنفس الحيوانية، و الزيتون رمز للنفس الإنسانية، و طور سينين رمز للنفس الملائكية(الروح) و هذا البلد الأمين رمز للقلب. و النفس الإنسانية التي يرمز لها في الآية بالزيتون هي وسط بين النفس الحيوانية و النفس الملائكية، و لذلك قال تعالى في سورة النور: (شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية)(النور:35) أي وسط بين طرفي الملك و الحيوان، و هي تنشأ من لقاح الحيوان و الملك، كما ينشأ الجنين من لقاح المرأة و الرجل.
2. قال تعالى (( هل ينظرون إلا إن يأتيهم الله في ظُلل من الغمام و الملائكة و قضي الأمر و إلى الله ترجع الإمور)) (البقرة:210) قال الجمهوريون: و من آيات التجسيد أيضاً فوله تعالى: ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام...)) الآية، فالله تعالى في ذاته ليس بغائب حتى يأتي.. ثم هو لا يأتي في ظلل من الغمام فهي إشارة لتحديد عنه تتعالى الذات علواً كبيراً، فلم يبق إلا الذي يأتي في ظلل من الغمام وهو مقام الاسم، يأبي في تجسيد، هذا التجسيد هو الإنسان.. و كل الإحاديث التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، و هي أحاديث كثيرة، إنما تتحدث عن مقام الاسم و ليس عن الذات المطلقة..".
و قد أول الجمهوريون الآيات التي تتحدث عن الرؤية تأويلات لا تعقل، و من تلك الآيات قوله تعالى: ( وجوه يومئذٍ ناضرةٌ، إلى ربها ناظرةٌ) (القيامة: 23-22) و قوله تعالى: (تحيتهم يوم يلقونه سلامٌ) (الأحزاب:44) و قوله تعالى: (كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون، ثم إنهم لصالو الجحيم، ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون) (المطففين:15-17).
3. قال تعالى: (أم خُلقوا من غيرِ شيئٍ أم هم الخالقون)(الطور:35) قال الجمهوريون –تحت عنوان الخلق ليس من العدم- : "و من فساد العقيدة عند المسلمين اليوم الظن بأن الله خلق الوجود من العدم، فهذا الظن يجعل للعدم وجوداً مع الله، منه استمد الخلق..و على الرغم من ممَّا في هذا الظن من تناقض إذ كيف يجيئ الموجود من المعدوم؟! إلا أنه ظن شائع بين المسلمين و قد استنكره القرآن بقوله : (أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)(الطور:35) فكأن قولهم أنهم خلقوا من غير شيئ –من العدم- هو مستوى من الشرك يشابه القول بأنهم هم الخالقون، فالخلق لا يُستمد من غير الموجود و إنما يستمد من الموجود كامل الوجود".
فالنص السابق يؤكد إيمان الجمهوريين بأن المعدوم شيئ ثابت في العدم و هو عين الله بمعناه البعيد، و قد أولوا الآية التي استدلوا بها إلى تأويل لا يُعقل، و فيه الدليل على فساد ما يقولون، و على أن ما يقولونه كفرٌ صريح باتفاق أهل الإيمان، و أنه أبطل الباطل في بديهة عقل كل إنسان، فكل إنسان يقر بتوحيد الربوبية.
و قوله تعالى: ((أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)) دليل على أن المعدوم في نفسه ليس شيئاً، و أن ثبوته و وجوده و حصوله شيئ واحد، لأنه فيه أنكار اعتقاد أن يكونوا خلقوا من غير شيئ خلقهم، و فيه إنكار أن يكونوا هم الذين خلقوا أنفسهم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "و هو استفهام إنكار يقول أوُجِدوا من غير مبدع؟ فهم يعلمون أنهم لم يكونوا من غير مكوِّن، و يعلمون أنهم لم يكونوا من نفوسهم، و علمهم بحكم أنفسهم معلوم بالفطرة بنفسه، لا يحتاج أن يستدل عليه، بل كل كائن محدث، أو كل ممكن لا يوجد بنفسه، و لا يوجد من غير موجد".
4. قال تعالى: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساءً) (النساء:1). قال محمود محمد طه: "فالنفس الواحدة في الحقيقة هي نفس الله تعالى، و آدم مشمول بخطاب ((يا أيها الناس)) فآدم لم يكن بداية الخلق، و إنما هو مرحلة متقدمة منه.. ثم النفس الواحدة هي نفس آدم.. و إلى نفس المعنى الإشارة بقوله تعالى: (و سخر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعاً) (الجاثية: 13) فالآية تفيد –إلى جانب التسخير- أن جميع ما في السماوات والأرض مستمد من الله و هذا معنى منه من الآية... فالإنسان من الله صدر و إليه يعود و إلى هذا العود تشير الآية الكريمة: (يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه) (الانشقاق: 6) و الآية الكريمة: (و أنَّ إلى ربِِِِِِك المنتهى) (النجم:42) حركة العودة إلى الله هي حركة المحدود إلى المطلق، و من النَّقص إلى الكمال، و همي حركة ليس لها انتهاء".
5. قال تعالى: (سبحان ربِك رب العزة عما يصفون) (الصافات: 180). استدل محمود محمد طه بهذه الآية في حديثه عن الذات الإلهية و أنها لا توصف و لا يشار إليها و لا تعرف إلا إذا تجسدت و تنزلت في مراتب الوجود المختلقة و حققت المعية مع جميع المخلوقات (بالذات).
و الخطأ الذي وقع فيه محمود هو ظنه أن قول الله تعالى: ((سبحان ربِك ربِّ العزة عما يصفون...)) يُبيِّن أن الله سبحانه و تعالى لا يوصف و لا يسمى و لا يعرف، و أن الذي يُعرف و يُسمى بأسماء الله هو الإنسان الكامل الذي لا يشك أحدٌ في وجوده –في رأيه- فقد وُجد في العصور السابقة في كل رسول أو نبي إنسان كامل و وجد في هذا العصر في شخصه و أشخاص الجمهوريين من بعده، قال محمود: " الأمر كله أمر تنزُّلات، ففي البدء و لا بدء كان الله و لا شيئ معه.. و تلك مرتبة الذات الصرفة، أو الذات الساذج! فهي لا تعرف و لا تسمى و لا توصف".
6. قال تعالى: (عَمَّ يَتَساءلون، عن النبأ العظيم، الذي هم فيه مختلفون) (النبأ: 1-3) يزعم الجمهوريون أن النبأ العظيم الذي تساءل عنه أهل مكة و اختلفوا فيه و الوارد في قوله تعالى (عمَّ يتساءلون...) ليس هو يوم القيامة كما يظن المسلمون، و إنما هو محمود محمد طه، النبأ العظيم، و قد ظلَّت الإرض – في رأي الجمهوريين- محتفظة بهذا السر إلى القرن العشرين و باحت به الآن بعد أن أوقدت شمسها.
قال الجمهوري صلاح محمد عثمان السوداني في تقديمه لقصيدة في جلسة إنشاد جمهورية خالصة عقدت في منزل محمود محمد طه في يوم (20/4/1977): قصيدتنا التالية للأخ عوض الكريم موسى قال الله تعالى: ((عمَّ يتساءلون عن النبأ العظيم...)) ما هو النبأ العظيم؟ هو مقتضى فرط الجلاء، و أتى بها خبر السماء، هي ما عليه العالمون. تعالوا نلتقط النبأ من هذه القصيدة:
سر الحقيقة في خفاء
هو مقتضى فرط الجلاء
و أتى به خبر السماء
هي ما عليه العالمون
و الأرض توقد شمسها
و تقيم منها عرسها
و تشق عنها رمسها
و تبوح بالنبأ المصون
و الفرد في تحقيق كن
قد كان حتى لم يكن
هو فوق ما في كن يكن
فكماله في يكن يكن
7. قال تعالى: ( و جاء ربك و الملك صفاً صفاً ) (الفجر: 22) من الآيات يستدل بها الجمهوريون على مذهبهم في تجسد الذات الإلهية. قال الجمهوريون: "... فمثلاً إذا جاء في القرآن قوله تعالى: ((و جاء ربُك و المَلَك صفّاً صَفَّا)) فإن المفسرين يقولون جاء أمر ربك و هذا إفراغ للقرآن عن محتواه، إذ أن السؤال سيظل قائماً ما هو هذا الأمر؟ نحن عندما نقول إن الإمر هو المسيح فإن ذلك يعطي عبارات القرآن مدلولاتها، فيصبح هنالك معنىً محدد.. ثم أنَّ المسيح هو فعلاً أمر الله".
اختلاف الجمهوريين مع علماء المسلمين في التفسير ليس هو من جنس اختلاف علماء المسلمين فيما بينهم:
قد خالف محمود محمد طه زعيم الجمهورين صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم في التفسير، و خالف التابعين لهم بإحسان، و من جاء بعدهم من المفسرين الذين فسروا القرآن بالمأثور و حركوا العقل في إطار النصوص، أو أولئك الذين مالوا إلى تأويل الآيات المتشابهات.
و يتهم محمود محمد طه الصحابة بأنهم لم يعلموا من معاني القرآن شيئاً، و لذلك فهو يذمهم من هذه الناحية.
يقول محمود محمد طه: "الإسلام عائد عمَّا قريب بعون الله و توفيقه، و هو عائد لأن القرآن لا يزال بكراً لم يفض الأوائل منه أختاماً غير ختم الغلاف".
كما أن محمود محمد طه يعتمد في زعمه أنه هو الوحيد الذي فهم القرآن كما ينبغي بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم على أنَّ البشرية جمعاء لا تستطيع أن تستوعب النصوص الأصلية لأن فهمها ناقص و بيانها لم يحقق فرديته و من لم يرتق في سيره من العلم الناقص إلى العلم الكامل، و من المحدود إلى المطلق.
و المسألة التي أريد بيانها أن هذا التأويل الباطني الجمهوري الذي يعتقد محمود أنه التفسير الصحيح للقرآن الكريم تأويل باطني، و هو يختلف عن تفسير علماء التفسير للقرآن الكريم، فالاختلاف الذي كان بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أو أئمة التابعين أو غيرهم من المسلمين في التفسير هو اختلاف لا يغيِّر معاني القرآن و لا يخرجها عن المعنى المراد، و لا يؤدي إلى فساد العقيدة. أما اختلاف محمود محمد طه مع أئمة المسلمين فهو اختلاف أساسي، فتأويلاته الفاسدة تأكيد لعقيدته الفاسدة و لدعوته المخالفة.
و الاختلاف الثابت عن الصحابة بل عن أئمة التابعين لا يخرج عن وجوه: أحدها " أن يعبر كل منهم عن معنى الاسم بعبارة غير عبارة صاحبه فالمسمى واحد، و كل اسم يدل على معنىً لا يدل عليه الاسم الآخر مع أن كليهما حق بمنزلة تسمية الله بأسمائه الحسنى، قال تعالى: (قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيَّاً ما تدعو فله الأسماء الحسنى) (الإسراء:110).
الوجه الثاني: " أن يذكر كل منهما من تفسير الاسم بعض أنواعه أو أعيانه على سبيل التمثيل للمخاطب لا على سبيل الحصر و الإحاطة، كما لو سَئل أعجمي عن معنى لفظ الخبز فأُري رغيفاً فقيل هذا هو. فذاك مثال للخبز و إشارة إلى جنسه لا إلى ذلك الرغيف خاصة".
الوجه الثالث: " أن يذكر أحدهم لنزول الآية سبباً و يذكر الآخر سبباً آخر لا ينافي الأول، و في نزولها لأجل السببين جميعاً أو نزولها مرتين مرَّة لهذا و مرَّة لهذا. أما ما صحَّ عن السلف أنهم اختلفوا فيه اختلاف تناقض فهذا قليل بالنسبة إلى ما لم يختلفوا فيه".
و لا يمكن بحال من الأحوال أن تضم اسم محمود محمد طه صاحب التأويلات الفاسدة لقائمة المفسرين، لأن معرفته بصحيح المنقول و سقيمه، و صريح المعقول، و أسباب النزول، و الناسخ و المنسوخ، و اللغة العربية لا ترقى إلى مستوى المفسرين الذين عرفتهم الأمة الإسلامية و لا يمكن أن يداني مقامه مقام الأئمة الكبار في هذا المجال. فمحمود لم تتوفر فيه شروط المؤثرين لمنهج الدراية على منهج الرواية، لأنه ليس عالماً باللغة و النحو و الصرف و الاشتقاق و علوم البلاغة و القراءات و أصول الفقه و الأحاديث المبينة لمجمل القرآن.
تأويل ظاهر الحديث تأويلات باطلة:
يميل الجمهوريون إلى تأويل ظاهر الأحاديث إلى تأويلات لا تعقل، و مرادهم من ذلك -كما ترى- هو إبطال الشريعة، و قد ساروا في هذه المسألة على طريق الباطنية الأوائل و الثنوية و الدهرية و الإباحية من المنكرين للنبوة و الشرائع و الحشر والجنة و النار و الملائكة و الربوبية.
فيميل الجمهوريون إلى تأويل الإحاديث التي تتحدث عن رؤية الله في الآخرة، و يزعمون أن الله الذي يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام و الملائكة هو الإنسان الكامل. كما يميلون إلى تأويل الآيات التي تتحدث عن الصراط و الميزان و المعراج.
قال الجمهوريون: " و كل الإحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، و هي أحاديث كثيرة، إنما تتحدث عن مقام الاسم، و ليس عن الذات المطلقة، و ذلك لأن القيامة زمان و مكان و الذات المطلقة لا يحويها الزمان و لا المكان .. و لأن الرؤية لا تكون إلا للمحدود، و الذات المطلقة تتعالى أن تراها البصائر و الأبصار".
للإحاديث معنيان عند الجمهوريين:
جعل الجمهوريون للأحاديث معنيين: معنىً قريباً، و معنىً بعيداً. المعنى البعيد هو المقصود لذاته، و المعنى القريب في معظم الأحيان و سيلة للمعنى البعيد، و ذكروا أن الذي يفهم المعنى القريب دون المعنى البعيد لم يفهم الإحاديث.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)). قال محمود محمد طه في كتابه (رسالة الصلاة): " ((صلوا كما رأيتموني أصلى))!! هكذا أمر النبي في تبليغه رسالة ربه، فالصلاة معراج النبي بالأصالة و معراج الأمة بعده بالتبعية و التقليد.. و كلمة ((رأيتموني أصلي)) لها معنى بعيد و معنى قريب، .. فأما المعنى البعيد فهو أن نرى بعين البصيرة حال قلب النبي من صدق التوجه حين يقوم لصلاته، و أما المعنى القريب فهو أن نرى بعين البصر حركات النبي الظاهرة في صلاته فنتقنها أيضاً .. فنحن بدون أن نراه بعين البصيرة و بعين البصر، و بعبارة أخرى بدون أن نعرف حال قلبه و حركات جسده لا نكون قد رأيناه.. و إذا صلينا بمحاكاة حركات الجسد، بدون محاكاة صدق توجه القلب لانكون قد أطعنا عبارته ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) .. بذلك تكون صلاتنا صلاة يحق فيها قول الله تعالى : ( فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون، و يمنعون الماعون) (الماعون:4-7) سماهم المصلين، لأن حركاتهم حركات مصل، ثم قال فيهم أنهم عن صلاتهم ((ساهون)) يعني غافلون عن حقيقة صلاتهم و هي تقوم فيها الصلة بين الله و بينهم و ذلك بحضور قلوبهم فيها، و لذلك قال (( الذين هم يراؤون )) أي يهتمون بالظاهر و يهملون الباطون ((و يمنعون الماعون)) و الماعون يعني القلب يمنعونه من الله أن يكون فيه و يملئونه بأصنام حب الجاه و حب السلطة". فحديث (( صلوا كما رأيتموني أصلي)) فيه أمران :
أمر بالتقليد و أمر بالأصالة-في رأي الجمهوريين- جاء في الكتاب (رسالة الصلاة) : ( فالنبي أتانا بلسان الحقيقة –لسان الحال- أمراً بالأصالة ". فمعنى الحديث عند الجمهوريين أن النبي صلى الله عليه و سلم قد قال بلسان العبارة " قلدوني إلى أن تكونوا أصلاء مثلي" و قد أخطأ الجمهوريون في هذه المسألة التي اعتمدوا فيها على تأويلاتهم الفاسدة، و التي حاولوا أن تكون سنداً لهم في الدعوة إلى الأصالة – ترك التقليد- أو ترك الصلاة الشرعية.
و هذا الحديث الذي تحدث عنه الجمهوريون له معنى واحداً و فيه تنصيص على أن فعل النبي صلى الله عليه و سلم مبين لأصحابه، و المراد من هذا الحديث واضح و بيِّن و هو أن نصلي بالكيفية التي وضحها لنا الرسول صلى الله عليه و سلم و إظهار المراد قد يكون بالفعل أبلغ منه بالقول، و لهذا السبب نرى أن محموداً قد أخطأ في جعله للمتقن للصلاة الحركية و غير المدرك للمعنيين الذين تحدث عنهما من الذين هم عن صلاتهم ساهون، و من الذين لا صلاة لهم فالآيات التي استدل بها محمود في هذه المسألة لها معنى يختلف عن المعنى الذي يتحدث عنه، و الذي وصل إليه بتأويله الباطل.
خـــاتمة:
بان لنا بعد استعراضنا نماذج من التفسير الجمهوري أن الاتجاه الجمهوري في تفسير القرآن الكريم و في شرح السنة النبوية أتجاه باطني منحرف عن النهج القويم في تفسير القرآن الكريم أو شرح السنة النبوية. فالتأويل الباطني عند الجمهوريين يخرج بالقرآن الكريم عن هدفه الذي يرمي إليه، فالقرآن الكريم يقصد هدفاً معيناً، و الجمهوريون يقصدون هدفاً معيناً بتأويلاتهم الفاسدة، و بين الهدفين تنافر و تضاد، فيأبى الجمهوريون إلا أن يحوِّلوا القرآن عن مقصده و هدفه إلى مقصدهم و هدفهم، فيقيمون مذهبهم و يروجون له على حساب القرآن الكريم و السنة النبوية.
فهدفهم أن يقيموا مذهبهم في ظاهره على أساس من تفسيرهم لكتاب الله، و بهذا الصنيع يكون الجمهوريون قد خدموا هدفهم و لم يقدموا لكتاب الله شيئاً إلا هذا التأويل الفاسد، الذي كله شر على الدين و إلحاد في آيات الله. و قد اتبع محمود في تأويله المنهج المذموم في التفسير، و عارض النصوص الصريحة في القرآن الكريم، و قال بمرحلية الآيات المعارضة لمذهبه و التي لم يستطع تأويلها لصراحتها، و تأويلاته للآيات القرآنية و الأحاديث النبوية تأويلات باطلة متكلفة يمجها الذوق السليم و لا تتفق في قليل و كثير مع قواعد الدين و بلاغة القرآن الكريم و فصاحة الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم فنسأل الله العافية في الدين و الدنيا و الآخرة.
فهرس المصادر و المراجع:
1. ابن باز: حكم الإسلام في من زعم أن القرآن متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات، أو وصف الرسول صلى الله عليه و سلم بما يتضمن تنقصه أو الطعن في رسالته، ط المملكة العربية السعودية (ب.ت).
2. ابن تيمية: الفتاوى ط. السعودية، تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية و الأوقاف 1995م.
3. أبو الحسن الإشعري: اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع، ط مطبعة مصر 1955م.
4. أبو الحسن الندوي: القادياني و القاديانية.
5. العلوي: الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام، ط. منشأة الإسكندرية (ب.ث).
6. إبن القيم: أمثال القرآن، تحقيق ناصر بن سعد الرشيد ط 2. 1402هـ المملكة العربية السعودية.
7. الذهبي: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم دوافعها و دفعها، ط مصر 1396هـ، مصر.
8. الذهبي: التفسير و المفسرون ط2. دار الكتب الحديثة 1396هـ.
كتب الجمهوريين:
1. محمود محمد طه: السفر الأول ط1. أكتوبر 1945م الخرطوم.
2. محمود محمد طه: قل هذه سبيلي ط1. 1952م أم درمان.
3. محمود محمد طه: رسالة الصلاة ط1. 1385هـ أم درمان.
4. محمود محمد طه: الرسالة الثانية من الإسلام ط. 1967م.
5. محمود محمد طه: رسائل و مقالات ط 1393هـ أم درمان.
6. الإخوان الجمهوريون : عقيدة المسلمين اليوم ط 1403هـ.
7. الإخوان الجمهوريون: التقليد و الأصيل و الإصلاء ط1. 1982م.
8. الإخوان الجمهوريون: اليوم الهجرة من النفس السفلى إلى النفس العليا ط1. 1981م.
----------
- الفتاوى 4: 69
- الفتاوى 13 : 313
- كتاب الفكر الإسلامي، تأليف نخبة من الإساتذة ط3. جامعة الإمارات 2003م، ص99.
- التأويل عند علماء اللاهوت تفسير الكتب المقدسة تفسيراً رمزياً أو مجازياً يكشف عن معانيها.
- انظر: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي للدكتور محمد أحمد الخطيب ص 30.
- التفسير و المفسرون للذهبي 2: 232 و انظر المواقف للأيجي 8: 388.
- انظر لمعرفة المزيد عن هذه الفرق الباطنية القديمة الكتب الآتية: فضائح الباطنية للغزالي و كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي و الفتاوى لابن تيمية و الملل و النحل للشهرستاني والفصل في الملل و الأهواء و النحل لابن حزم و الفرق بين الفرق للبغدادي.
- أتباع الشيخ أحمد الإحسائي و كاظم الرشتي بإيران. و قد كان الباب شيخياً. انظر: البهائية لإحسان إلهي ظهير و وثائق عن البهائية للدكتورة بنت الشاطئ و البهائية لعبد الرحمن الوكيل.
- البابية أتباع الباب علي محمد الشيرازي الذي نفذ عليه حد الردة بإيران في 1256هـ لقوقه بنسخ الشريعة الإسلامية.
- البهائية أتباع البهاء حسين علي المازندراني الذي كان بابياً و قال بالتأويل الباطني الذي أدى به إلى القول بتجسد الذات الإلهية و تغيير الصلاة و الصوم و الحج إلخ.
- أتباع الإغاخان و الآن يوجد الأغاخان الرابع.
- هذه الفرقة هي موضوع البحث و سيأتي الكلام عنها.
- فسر زعيم البهرة قول الله تعالىو اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا)(آل عمران103) بأن الحبل المشار إليه له طرفان: أحدهما بيد الله – تعالى عن ذلك- و الآخر بيده!! (كتاب الحركات الباطنية للبروفسير جلي- كتاب مخطوط-).
- يعتمد الميرزا غلام أحمد القادياني – الذي تنسب إليه القاديانية- على الإلهامات و الرؤى و يستدل- شأن الباطنية- بحساب الجمل و الأعداد و يسترسل في تأويل الآيات و الكلمات الواردة في الأحاديث و يعتبرها كلها مجازات و استعارات – كما يقول أبو الحسن الندوي في كتابه القادياني و القاديانية ص64، 65. و قد أصدر الميرزا أربع رسائل من رسائله الأربعين التي وعد بها و ألف رسالة (تحفة الندوة) و صنف (شهادة القرآن) و كتاب(حقيقة الوحي)و ألف إبنه الميرزا بشير الدين محمود كتاب(حقيقة النبوة) و صنف محمد علي الذي تزعم فرعاً من فروع القاديانية و هو الفرع اللاهوري مؤلفات كثيرة منها (THE ISLAM) و الترجمة الإنجليزية للقرآن، و منهج محمد علي اللاهوري في تفسير القرآن منهج باطني.
- انظر: كتاب نشأة الفلسفة الصوفية ص 80، 81.
- بيان مذهب الباطنية و بطلانه للديلمي ص39، 40، ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان. الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير ص481.
- فضائح الباطنية لأبي حامد الغزالي، الباب الخامس، الفصل الأول ص55، ط. الكويت: الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير ص 481، 482.
- الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام ص 71 ط منشأة المعارف، الاسكندرية.
- محمود محمد طه: مؤسس فرقة الجمهوريين و رئيسها و شيخها. ولد بقرية الهجليج في سنة 1912م. و الهجليج قرية تقع شمال مدينة رفاعة الواقعة في وسط السودان، شرق النيل الأزرق. تخرج من كلية غردون الجامعية و عمل في بداية حياته مهندساً في شكك حديد السودان، ثم مهندساً في الإدارة المركزية للكهرباء، ثم عمل بعد ذلك مهندساً في القطاع الخاص بمدينة كوستي- وسط السودان- و في سنة 1965م تفرغ تماماً لفرقته التي أنشأها، و جعل مقر إقامته الدائمة بأم درمان بالسودان.نفذ عليه حد الردة الرئيس السوداني جعفر نميري في عام 1985م.
- المعية بالذات: يؤمن الجمهوريون بالمعية بالذات و عقيدتهم في المعية بالذات تابعة لعقيدتهم في في التجسد و لمذهبهم في الإسراء و المعراج. بيان مذهبهم في المعية أن زعيمهم –محمود محمد طه- يرى أن يرى أن معية الله مع عبده تختلف باختلاف درجات معراج العبد إلى ربه أو تنزل الذات الإلهية في سلم الوجود حسب درجة الصبر التي يتمتع بها الإنسان. فالصابر عن الله تكون معية الله معه بالذات و القول بالمعية بالذات كفر و إلحاد و لم يقل به حتى المشبهة الذين بالغوا في التشبيه.
و قد ذكر الشيخ محمد بن خضر بن مايابي الموريتاني في كتابه (استحالة المعية بالذات و ما يضاهيها في متشابه الصفات) أنه ما رأى أحداً نسب إليه القول بالمعية بالذات إلا ما ذكر عن شخص يسمى إبراهيم المواهبي الشاذلي.
- يعتبر محمود محمد طه وحدة الوجود أصلاً من أصول الدين.
- لا يوجد شيئ عند محمود إسمه المعدوم، بل المعدوم كان موجوداً في صورة أخرى تطور إليها أو نقص عنها، فالإمر مستمر بلا بداية و لا نهاية و المادة أزلية أبدية.
- عقائد البابكية و الحزمية و الخابطية و البيانية و الدروز و النصيرية والقاديانية إلخ.
- الذات عندهم يجب أن تتجسد و تتنزل في مراتب الوجود المختلفة.
- اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع لأبي الحسن الأشعري ط مطبعة مصر1955 ص83.
- انظر: صحيح مسلم المجلد الإول، نشر و توزيع دار البحوث العلمية و الإفتاء و الدعوة، المملكة العربية السعودية، المقدمة ص 5.
- عرف الاصطلاح بأنه اتفاق طائفة من الناس على شيئ إذا ذكر تبادر معناه إلى الأذهان و بعبارة أخرى الاصطلاح لفظ خاص اصطلح بعض الناس على معنى معين له فحين يطلق هذا اللفظ يتبادر إلى الذهن ذلك المعنى الاصطلاحي المتفق عليه. (حكم الإسلام في الاشتراكية لعبد العزيز البدري ص132).
انظر: عقيدة المسلمين اليوم- مرجع سابق-. -
- قال ابن تيمية ليس من كلام النبي صلى الله عليه و سلم و لا يعرف له سند صحيح و لا ضعيف و تبعه الزركشي و العسقلاني.
- الإخوان الجمهوريون: عقيدة المسلمين اليوم ص 83، 84.
- كبيِّت (أكتيور الثانية و الكتلة الثالثة) للإخوان الجمهوريين ط 1. 1301هـ ص 12 .
- ط 140 هـ ص 20.
- رسالة الصلاة لمحمود محمد طه.
- انظر: رسائل و مقالات لمحمود محمد طه ص61/نشرة داخلية بتاريخ 3/4/1982 ص3 الإخوان الجمهوريون/ الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي/ رسالة الصلاة لمحمود محمد طه ط 1399هـ ص 44.
- الثورة الثقافية لمحمود محمد طه ص 22.
- رسالة الصلاة لمحمود محمد طه ص 44.
- أي أن اللغة لا تستطيع أن تعطي المعنى الحقيقي المقصود من الكلمات، فهي عند الجمهوريين لا تحمل من معاني القرآن الحقيقية شيئاً، و لا تخبر عن المقصود منه في الحقيقة.
- إشارة إلى مذهبهم في وحدة الوجود المادية التي تجعل الله سبحانه و تعالى مادة الأشياء .
- سلم التطور.
- رسائل و مقالات لمحمود محمد طه، الكتاب الإول ص 44.
- رسائل و مقالات، الكتاب الثاني ص 45.
- رسائل و مقالات لمحمود محمد طه 2/29.
- عقيدة المسلمين اليوم ص 46، 47
ج1 ط ربيع الأول1403هـ ص 53. - عقيدة المسلمين اليوم
- الفتاوى ابن تيمية، المجلد الثاني، توحيد الربوبية ص 156.
- الفتاوى مجلد توحيد الربوبية ص 11.
- عقيدة المسلمين اليوم ص 53، 54.
- محمود محمد طه، رسائل و مقالات، الكتيب الثاني ص 45.
- عقيدة المسلمين اليوم ص 43-48.
- القاعدة المراكشية ص 32، 33.
- انظر: القاعدة المراكشية لابن تيمية، تحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد و الأستاذ رضا بن نعسان ط مطابع صفا، مكة المكرمة 1401هـ ص 32-34.
- مجرد معرفة اللغة لا يعين على معرفة التفسير و فهمه بالتفصيل، بل لا بد من معرفة أسباب النزول و معرفة المعاني الدقيقة للقرآن عن طريق النقل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال تعالى ((و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم و لعلهم يتفكرون)) (النحل:44)، انظر: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم للذهبيص 10.
- أي الإنسان الكامل عند الجمهورين.
- الإخوان الجمهوريون: عقيدة المسلمين اليوم ص 47. و انظر: موقف الجمهوريين من السنة النبوية للدكتور شوقي بشير ط 1 رابطة العالم الإسلامي، سلسلة دعوة الحق، سبتمبر 1987م ص 47، 48.
- لمعرفة المزيد عن أن إظهار المراد بالفعل أبلغ منه بالقول و أن لهذا الحديث معنى يختلف عن فهم محمود محمد طه له أنظر: أصول السرخسي 2/27، و انظر: موقف الجمهوريين من السنة النبوية للدكتور شوقي بشير ط: رابطة العالم الإسلامي، مكة، سلسلة دعوة الحق 1987م.
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:
فقد اخترت لهذا البحث عنوان " التأويل الباطني عند فرقة الجمهورين بالسودان" و التأويل هو صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة، فالظاهر عند الباطنية هو الأمثال المضروبة للمعاني الخفية، فالتأويل في نظرهم هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر النصوص و باطنها. و التأويل الباطني هو أساس الشرع المبدل الذي هو التأويلات الفاسدة، و التفاسير المقلوبة، و الأحاديث المكذوبة، و البدع الفكرية المضلة التي أدخلت في الشرع عن قصد من الفرق الباطنية المعاصرة و القديمة. و فرقة الجمهوريين بالسودان فرقة معاصرة لها خطرها على عقائد المسلمين، و قد جعلت هذه الفرقة- كغيرها من الفرق الباطنية المعاصرة- ما وصلت إليه من تفسير القرآن الكريم و شرح السنة النبوية سبباً في الخروج على الكتاب و السنة لما ظنوه معارضاً لهما لما يسمونه قياساً و رأياً و عقليات و قواطع.
و الهدف من هذا البحث بيان أن الفرق الباطنية عموماً و فرقة الجمهوريين - على وجه الخصوص- قد بنت عقائدها على التأويل الباطني و الأحاديث الموضوعة. و في هذا البحث سوف أنبه على المآخذ التي أراها في منهجهم المعرفي و تأويلهم الباطني.
و قد اقتضت طبيعة البحث أن يكون في محورين، تناولت في المحور الأول التعريف بمصطلح التأويل الباطني و التعريف بفرقة الجمهوريين. أما المحور الثاني فقد تناولة فيه التأويل الباطني عند الجمهوريين.
هذا هو جهدي المتواضع أقدمه، مع علمي أن كل كسب بشري عرضة للخطأ و الصواب و المراجعة في زمنه و الأزمان التالية، فإن و فقت فالحمد لله رب العالمين، و إن أخطأت فأرجو من الإخوة الكرام تصويبي و تصحيح ما وقعت فيه من أخطاء. و أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجه الكريم، و أن يوفقني لما يحبه و يرضاه، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المحور الأول: التعريف بمصطلح التأويل:
التأويل عند السلف:
يطلق التأويل على عدة معان فيراد به الحقيقة و العاقبة، " حقيقة ما يؤول إليه الكلام، و إن وافق ظاهره. و هذا هو المعنى الذي يراد بلفظ التأويل في الكتاب و السنة كقوله تعالى هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) الأعراف:35.
و يراد بلفظ التأويل أيضاً التفسير، و هو كثير في اصطلاح المفسرين، و لهذا قال مجاهد – إمام التفسير- "إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه، فإنه أراد بذلك تفسيره و بيان معانيه و هذا مما يعلمه الراسخون"
التأويل عند المتأخرين:
هو صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه إلى مايخالف ذلك لدليل منفصل يوجب ذلك: أو بعبارة أخرى "صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر يحتمله اللفظ لدليل يقترن به مع قرينة مانعة من المعنى الحقيقي"، و هذا النوع من التأويل يعذر به المسلم، فالعذر بالتأويل كالعذر بالخطأ مما قال به أهل السنة، " فقد يتلبس الإنسان بالكفر أو يقع فيه نتيجة لقصور في فهم الأدلة الشرعية، دون تعمدٍ للمخالفة، و لكن لا يعذر الإنسان بكل تأويلٍ بل من التأويل ما يعذر به و منه ما لا يعذر به.
و التأويل الذي يعذر به:
1. إذا كان التأويل يحتمله المعنى أو له وجه في الفهم فيعذر به الشخص.
2. أن لا يكون التأويل في أصل من أصول الدين.
و تسمية هذا النوع من التأويل تأويلاً لم يكن في عرف السلف، و إنما سَمَّي هذا تأويلاً جماعة من العلماء المتأخرين، و ظنوا أن قوله تعالى و ما يعلم تأويله إلاّ الله) (آل عمران:7) يُراد به هذا المعنى. ثم صاروا في هذا التأويل على طريقتين – كما يقول ابن تيمية- " قوم يقولون إنه لا يعلمه إلا الله، و قوم يقولون الراسخون في العلم يعلمونه، و كلا الطائفتين مخطئة، فإن هذا التأويل في كثير من المواضع من باب تحريف الكلم عن مواضعه" خاصة التأويل الذي لا يعذر به، التأويل الباطني، فمثل هذا التأويل لا يقبل و لا يعذر به، و من هذا النوع تأويلات الباطنية الأوائل أمثال الخطابية، البيانية، الجناحية، المغيرية، العجلية، المحمرة، البابكية، الخرمية و الاسماعيلية، و الحركات الباطنية المعاصرة من أمثال البابية، البهائية، القاديانية، الدروز، الإسماعيلية و فرقة الجمهوريين بالسودان.
و قد أجمع العلماء على كفرهم و أنهم لا يعذرون بالتأويل لأن حقيقة مذهبهم الكفر بالله تعالى و عدم عبادته وحده و إسقاط شرائع الإسلام.
التأويل الباطني:
التأويل عند الباطنية هو صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة، فالظاهر عند الباطنية هو المعاني الخفية المطلوبة. فالتأويل الباطني أمر لا بد منه عند الباطنية في فهم الشريعة الإسلامية، فالشريعة عندهم مشتملة على ظاهر و باطن لاختلاف فطر الناس و تباين قرائحهم في التصديق، فكان لا بد من إخراج النص من دلالته الظاهرية إلى دلالته الباطنية بطريق التأويل، "فالظاهر هو الصور و الأمثال المضروبة للمعاني، و الباطن هو المعاني الخفية التي لا تتجلَّى إلاّ لأهل البرهان. فالتأويل في نظرهم هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر الإقاويل و باطنها".
قال الباطنية: " القرآن ظاهر و باطن، و المراد به باطنه دون ظاهره المعلوم من اللغة، و نسبة الباطن إلى الظاهر كنسبة اللبِّ إلى القشر، و المتمسك بظاهره معذب بالشقشقة في الكتاب، و باطنه مؤدٍّ إلى إلى ترك العمل بظاهره، و تمسكوا في ذلك بقوله تعالى فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب)(الحديد:13).
و قد اتخذ الباطنية من أمثال الخطابية، الجناحية، المغيرية، العجلية، الشيخية، البابية، البهائية، الإسماعيلية الأغاخانية، فرقة الجمهوريين بالسودان، البهرة و القاديانية التأويل الباطني الذي لا يلتزم بقواعد اللغة و دليل العقل، و الشرائط التي وضعها العلماء للتأويل الذي يعذر به. و اتخذوا ذلك المنهج وسيلة لهدم الدين و تحريف أصوله و قواعده، و جعلوه طريقاً يوصل إلى إسقاط التكاليف الشرعية. و بلغ الأمر منتهاه عند الإسماعلية و إخوان الصفا و غيرها من الفرق التي ربطت التأويل بألوان من العلوم الغامضة و اشتغال بالحروف و الأعداد و أسرارها.
قال الديلمي تحت عنوان "ذكر طرف من تأويلاتهم الباطنية" : "اعلم أن مذهبهم في الجملة أنه لا بد لكل ظاهر من باطن و هو المقصود حقيقة، و هو بمنزلة اللب، و الظاهر بمنزلة القشر، و عمّوا بذلك جميع الكلام و أنواع الإجسام، و لم يعتبروا المطابقة بين الظاهر و الباطن، بل تأويلاتهم لا تناسب الظاهر من حيث الحقيقة و المجاز، و لم يقتصروا مع ذلك على تأويلٍ واحد، بل أثبتوا تأويلاً للتأويل، و جعلوا للعبارة الواحدة تأويلات عدَّة حتى ذكر صاحب (المبتدأ و المنتهى) – وهو من أكابرهم في الكفر و الضلالات و العمى- قال: و قد روي عن موالينا عليهم السلام أنّا نقول الكلمة لها سبعة وجوه. فقال قائل: سبعة وجوه!. فقال سبعون. فقال القائل: سبعون!. فقال: سبعمائة. فكل ما ارتجَّ على قارئه و خفيت معرفته و دقت عليه إشارة و كنا بقربه فليسألنا عنه، أو من يعلم أنه أعلم من أبناء جنسه ممن يحمل هذا العلم، و متى كان الأمر على ما ذكره فلا يمكن الوقوف على المراد بالكلام أصلاً و الحال هذه، و لعل السائل لو قال له: سبعمائة!. لقال سبعة آلاف ثم هكذا، لأن تحقيق ذلك خرج عن الحصر لعدم المطابقة، و هذا يحقق لكل ذي تمييز أن غرض القوم ما قدمنا من الخلع عن الدين، و السلخ عن دين المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، و قد قال تعالى: (و يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودَّة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) (الزمر:60).
و قال أبو حامد الغزالي، الصوفي، الأشعري، الشافعي(450-505هـ): "أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن القرآن و السنة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريف زخرفوها، و استفادوا بما انتزعوه من نفوسهم من مقتضى الألفاظ إبطال معاني الشرع، و بما زخرفوه من التأويلات تنفيذ انقيادهم للمبايعة و الموالاة، و أنهم لو صرحوا بالنفي المحض و التكذيب المجرد لم يحظوا بموالاة الموالين، و كانوا أول المقصودين المتقولين".
و قال العلوي: " اعلم أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن التصديق عمدوا بلطف الاحتيال و دقة الاستدراج، فصرفوا ظواهر الشرع و نصوصه إلى هذيانات لفقوها، وتهويسات جمعوها و زوَّروها، ليستفيدوا بذلك إبطال معاني الشرع و هدم أساسه، و أوقعوا في نفوسهم أنهم لو صرحوا بالنفي المحض و التكذيب الصرف لم يثقوا بانقياد الخلق لضلالتهم، و لا بإصغاء سمع أحد إلى جهالتهم فقالوا: "كل ما ورد من التكاليف، و الحشر و النشر، و ضمائر النصوص، و الظواهر، و جميع المعجزات، فهي بأجمعها أمثلة و رسوم إلى بواطن مكذوبة، و أمور محرفة موهومة".
فرقة الجمهوريين بالسودان:
إن أول نواة لفرقة بالسودان هم مجموعة من السودانيين الذين انتموا إلى الجماعة التي أسسها محمود محمد طهفي الأربعينات من القرن الماضي. و كانت بداية هذه الجماعة نتيجة لظروف مشابهة للظروف التي أسهمت في كثيراً في ظهور الأحزاب السياسية السودانية، إلا أن هذه الجماعة كانت علمانية الاتجاه بصورة واضحة و أعلن زعيمها ذلك في سَفْره الأول الذي أعلن فيه أن الدين ويعني- الإسلام- ليس بمفلت من التشكيك و يجب أن يوضع على منضدة البحث العلمي لرفض ما لا يتناسب مع العصر عن طريق تأويل النصوص التي لا تتماشى مع القرن العشرين كنصوص الجهاد و العبادة. و مع أن اتجاه هذه الجماعة كان واضحاً منذ البداية إلا أن زعيمها حاول أن يصبغها بصبغة دينية حتى يجد سنداً شعبياً في بلد يدين معظم أهله بالإسلام و ينتشر فيه التصوف.
و ظهرت فرقة الجمهوريين باتجاهها الباطني المخالف للإسلام في عام 1965م العام الذي أعلن فيه زعيمهم بأنه قد استقام له أمر نفسه و أصبح على مشارف الوصول للمعية بالذات. و خرج من جماعة الجمهوريين عدد من الرجال بعد أن أصبحت فرقة باطنية، كما دخل فيها آخرون إعجاباً بتأويله للخطاب الديني. و قد نجح محمود محمد طه في ملء فراغ أتباعه الفكري بفكره التلفيقي الذي جمعه من أفكار و فلسفات الفرق الباطنية في القديم و الحديث، و من الفلسفات الإلحادية و المذاهب المعاصرة.
و قد قام الفكر الجمهوري في بدايته على أصول فلسفية منها:
1. مذهب وحدة الوجود، وهي وحدة وجود مادية تجعل الحق سبحانه و تعالى مادة الأشياء.
2. أزلية و أبدية المادة.
3. المعدوم شيئ ثابت في العدم و هو عين الله بمعناه البعيد.
4. عقائد النِّحل الباطنية في القديم و الحديث.
5. عقيدة التجسد الإسماعيلية أو البهائية.
6. الفلسفة الوجودية.
7. الفلسفة الشيوعية.
8. النظرية الدارونية بديلاً للخلق من عدم.
و أضاف إليها الجمهوريون اليوم (النظام العالمي الجديد).
المحور الثاني: التأويل الباطني عند الجمهوريين:
الاتجاه الجمهوري في التفسير اتجاه باطني، هو باب من الإبواب دلف منها الجمهوريون إلى ترويج مذهبهم و نشره اعتماداً على ما أثبته محمود محمد طه لنفسه في هذا الباب، فقد بلغت به الجرأة أن أثبت لنفسه كثيراً من الآيات التي نزلت صريحة في حق نبينا صلى الله عليه و سلم،و أثبت كثيراً من الآيات التي تحدثت عن عيسى عليه السلام، كما ذكر أن الآيات التي تتحدث عن الصراط و عن يوم القيامة، و عن مسائل غيبية كثيرة تتحدث عنه و عن فرقته، و حرَّف آيات القرآن الكريم تحريفات معنوية و لفظية يصعب حصرها، و استعان في ذلك بمناهج الباطنية الذين يتطرفون في تأويل المصطلحات الإسلامية و الكلمات الشرعية المتواتر لفظها و معناها ومفاهيمها، و يتوصلون إلى فتح باب الإلحاد و الفساد و الفوضى الفكرية على مصراعيه، و العبث بالدين و بعقول الناس .
و يرى محمود محمد طه أن التفسير الذي يقدمه لآيات القرآن هو التفسير المراد، وهو الذي يحمل المعاني الحقيقية للقرآن الكريم، و هو من هذه الناحية لم يسبق أن قدمه أحد، فهو المعنى البعيد الذي عند الله، المعنى الذي نزل معه المعنى القريب.
و يرى محمود محمد طه – زعيم الجمهوريين – أن المفسرين السابقين من الصحابة و التابعين و غيرهم لم يستطيعوا فهم النصوص الأصلية و بيانها، وذلك لاعتمادهم على اللغة العربية، و اللغة العربية – عند الجمهوريين – لا تحمل من معاني القرآن الحقيقية شيئاً، و لا تخبر عن المقصود عنه في الحقيقة، و لذلك لا بد من التأويل الباطني و صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة التي اتبعها الصحابة و التابعون لهم، فالصحابة رضي الله عنهم في نظر الجمهوريين لم يستطيعوا فهم النصوص الفرعية التي يستطيعون متابعتها، و ترك أمر بيان و تفسير النصوص الأصلية للجمهوريين.
سل الحسام المغمـد
و بدا هنالك أحمـد
بك حجة لا تدحـض
لك أول في العابدين
و يرى الجمهوريون أن زعيمهم هو الذي استطاع استيعاب النصوص الأصلية لأنه الأصيل الأول و الوارث المحمدي الذاتي المقام الذي ترقى في سيره المحدود إلى المطلق و من العلم الناقص إلى العلم الكامل.
و يستعين الجمهوريون في منهجهم الباطني و تأويلهم للنصوص ببتر الأجزاء التي يصعب تأويلها من النص، فيذكرون جزءاً من الحديث أو الآية للإيهام، خاصة إذا رأوا أن الجزء المبتور يبيِّن فساد عقيدتهم، أو يؤكد بعدها عن الدين، و لذلك يحرصون على ذكر الجزء من الحديث الذي يوافق هواهم، و مما لا شك فيه أن هذا إهمال – عن قصد- لأحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم . و الغرض من ذلك البتر جعل السامع يعتقد صحة الأدلة التي استدل بها باتر النصوص مع ما في الجزء المبتور من بيان لفساد عقيدته، كما أن بتر النص قد يعطي معنىً مخالفاً لما يعطيه النص بأكمله، بل قد يدفع بصاحبه إلى الكفر، و لذلك نبهنا أكثر من واحد من السلف إلى عدم بتر النصوص حتى في الكلام العادي، و نستدل لبيان أن نصف الجملة قد يدفع بصاحبه للكفر -إن اعتقده- بجمل استخدمها الأشعري رحمه الله " إن الكفر باطل، و الكفر قضاء الله تعالى، بمعنى أنه خلق الله، و لا يقول قضاء باطل، لأنه يوهم أنه لا حقيقة لقضاء الله، وهذا كما نقول الكافر مؤمن بالجبت و الطاغوت، ولا نقول مؤمن و نسكت لما فيه من الإبهام".
و لأهمية ذكر الأحاديث كاملة دون بتر جزء منها اهتم العلماء بالحفظ، و احتاطوا في الأخذ عمَّن يأتيه الخطأ من جهة الحفظ ناهيك عن المتروكين الذين يبترون النصوص عن قصد، بل اهتموا بالحديث الذي تذكر من بعض رواياته زيادة، و احتاطوا في هذه المسألة لأن إهمال الزيادة الواردة في رواية من الروايات و فيها معنى زائد يحتاجه المسلم إهمالٌ لحديث النبي صلى الله عليه و سلم، لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام، و لذلك ترى أئمة الحديث كالإمام مسلم يعيد الحديث الذي فيه زيادة، و يميل في معظم الأحيان إلى إعادة الحديث الذي فيه زيادة في بعض رواياته بهيئته لأن ذلك أسلم.
في الوقت الذي نجد فيه أن الجمهوريين يميلون إلى بتر النصوص كما نجدهم أيضاً إلى زيادة ألفاظ من عندهم لبعض الأحاديث الصحيحة. و خطر التأويل الباطني يتمثل في أنَّه أصبحت للباطنية مصطلحات خاصة بهم، ظاهر ما يتبادر إلى ذهن المسلم من معانيها لا يتعارض مع الإسلام، بل هي مصطلحات إسلامية اصطلح المسلمون عليها، أو عرفوها من دينهم، بينما حرف الباطنية تلك المصطلحات عن معانيها الظاهرة و اصطلحوا على معنيين لكل مصطلح. فحينما يسمع السامع لفظاً من الألفاظ التي اصطلح عليها الباطنية يتبادر إلى ذهنه المعنى الذي تعارف عليه المسلمون و يكون حكمه على مذهبهم تبعاً لذلك.
فالجمهوريون – على سبيل المثال- و هم من الباطنية يستخذمون عبارات وضعت بالأصل لنظم خاصة مختلفة عن النظام الإسلامي، كما يستخدمون مصطلحات إسلامية ( حديثية و فقهية و توحيدية) متفق عليها في معاني أخرى مختلفة تناقض ما أراده المسلمون من تلك المصطلحات.
و من الأمثلة الواضحة الدلالة على ذلك المصطلحات التالية:
أمثلة لبيان أن كل كلمة عند الجمهوريين لها معنيان و ما يترتب على ذلك من إضلال الناس:
الله:
الله علم على الذات المقدسة المعبودة بحق. و هذا معروف عند المسلمين، أما محمود محمد طه – زعيم الجمهوريين- فيرى أن اسم الله – تبارك و تعالى- يطلق على معنيين: معنىً بعيد و هو ذات الله الصرفة، و هي فوق الأسماء و لو لا أنها تنزلت في مراتب الوجود المختلفة لما عرفت.فكلمة (الله) عند الجمهوريين في معناها البعيد ليست إلا إشارة بسيطة غامضة لا يمكن أن توصف و لا تسمى و لا تعرف إلا بعد تنزُّلها. فالتنزُّل الإول من الذات الساذجة إلى مرتبة الأسماء (الله) ثم التنزل الثاني من مرتبة الإسماء إلى مرتبة الصفات (الرحمن). و أما المعنى القريب (لله) – في رأي الجمهوريين- اسم للمحدث الكامل- الإنسان الكامل- و هي مرتبة البشر الكامل، و تشير إلى التعيين الأول الذي ليس بينها و بين صرافة الذات أحد من الخلق، و إنما هو بين جميع الخلق و بين الذات، و تقوم جميع الصفات و الإسماء الإلهية بالتعين الأول، أي بالإنسان الكامل.
قال الجمهوريون: ".. و أن اسم الله تبارك و تعالى يطلق على معنيين أيضاً معنى بعيد و هو ذات الله الصرفة، و هي أمر فوق الإدراك و فوق الأسماء و فوق الإشارات، و لولا أنها تنزَّلت لما عرفت، و معنى قريب و هو مرتبة الإنسان الكامل الذي أقامه الله خليفة عنه في جميع العوالم و أصبغ عليه صفاته و أسماءه حتى اسم الجلالة (الله) حيث قيلت إنما تشير إلى هذين المعنيين.
و النتيجة التي يخلص إليها الناظر في حديث الجمهوريين عن اسم الجلالة (الله) يجد أن هؤلاء الباطنية يقولون في أذكارهم دائماً (الله)،(الله) بلسان الحال حتى يتم تحقيقها بلسان المقال، أو تتحقق بالهجرة إلى النفس العليا – التي هي عندهم نفس الله!!.
و ليس في نظام الجمهوريين الفكري و لا في حقيقة الجمهوريين العارفين بحقيقة مذهبهم موضع لله سبحانه و تعالى، و لا للإيمان بأنه الرزاق ذو القوة المتين، و قد ساروا في هذه المسألة على درب حسين المازندراني زعيم البهائية، و قد استدل الباطنية في حديثهم عن عقيدة التنزُّل و التجسد الإسماعيلية أو البهائية بحديث قالوا إنه قدسي " كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فتعرَّفت إليهم حتى عرفوني".
قال محمود محمد طه: " فالله من حيث ذاته المطلقة كان و لا يزال و لن ينفك في حضرة خفاء، و لكن لكي يعرف تنزَّل إلى مرتبة القيد – مرتبة الخلق- و كان أول التنزُّل إلى مرتبة الاسم (الله) هو الحقيقة المحمدية المشار إليها بقول المعصوم " أول ماخلق الله نور نبيِّك يا جابر" و عن كون ذات الله الصرفة لا تعرف، و لا توصف، و لا يشار إليها بشيئ قوله تعالى سبحان ربك ربِّ العزة عمّا يصفون)(الصافات: 180) يعني تنزَّه الله في ذاته عن كل وصف... (و سلام على المرسلين)(الصافات:181) يعني خير ما وصف الله المرسلين..".
و يرى الجمهوريون أن جميع الآيات القرآنية تتحدث عن مقام الاسم (الله)، و جميع آيات الصفات تتحدث عن التجسيد، و كل الإحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة أو نزوله إلى السماء الدنيا إنما تتحدث عن مقام الإسم.
و قد أوَّل الجمهوريون جميع الأحاديث التي تتحدث عن الرؤية، أو نزول الله إلى السماء الدنيا. فصفات الله عند الجمهوريين إنما هي صفات الإنسان الكامل أو الحقيقة المحمدية أو التعيين الأول للذات الإلهية، أو التجسد الإول. و النصوص القرآنية التي تتحدث عن صفات الله و أسمائه – عند الجمهوريين- المقصود بها الله بمعناه القريب – الإنسان الكامل- !! قال الجمهوريون: " و مقام الاسم (الله) الحقيقة المحمدية هو مقام الملكوت، و لكنه بفضل الله يتنزل في كل حين إلى عالم الملك حتى يتجسد على الأرض، و لحظة تجسيده هي لحظة ظهور المسيح".
كلمة إسلام:
عندما يتحدث الجمهوريون عن الإسلام لا يعنون ما يعنيه المسلم عادة من هذه الكلمة و إنما يعنون مذهبهم الجمهوري.
قال الجمهوريون: " و نحن عندما نتحدث عن الإسلام لا نعني ما يعنيه الناس عادة عن الإسلام...". و قال الجمهوريون في كتيبهم ( الجمهوري و المهاجر الاكتويري): "إن الإسلام ليس غير الفكرة الجمهورية، ذلك بأن سائر المسلمين بفرقهم المختلفة ليسو على شيئ".
الشهود الذاتي:
يقصدون به شهود تجليات الذات الإلهية على النفس الإنسانية. فالرسول صلى الله عليه و سلم عند الجمهوريين قد شاهد التجليات الإلهية قبل أن يصل إلى مستوى الشهود الذاتي في جبريل.
الشهود الأسمائي:
يقصد به الجمهوريون شهود تجليات الذات في الخلق،. قال محمود محمد طه: " فالشهود الأسمائي هو شهود تجليات الذات في الخلق فقد شاهد النبي التجليات الإلهية في جبريل، و القرآن يقصُّ علينا هذه الآيات (علَّمه شديد القوى)(النجم:5) (ذو مرَّة فاستوى)(النجم:6) وصف لجبريل بالشدة، و معنى فاستوى في صورته التي خلقه الله عليها و هي أعلى ما يكون جبريل مظهراً للتجلي الأسمائي، و إلى ذلك الإشارة بقوله (و هو بالإفق الإعلى)(النجم: 7) مما يلي الذات، (ثم دنا فتدلَّى)(النجم: تنزَّل في التجلي الأسمائي إلى مرتبة الصفة إلى مرتبة الفعل حيث استقر (فكان قاب قوسين أو أدنى)(النجم:9) و في هذا الثالوث إشارة لطيفة إلى العقل لا يتسع المقام لاستقرائها (فأوحى إلى عبده ما أوحى)(النجم:10) فأوحى جبريل إلى عبده ما أوحى!!".
حق الحرية: يقصد بها الجمهوريون الديمقراطية.
حق الحياة: يقصد بها الجمهوريون الاشتراكية.
أدب الوقت:
أدب الوقت عند الجمهوريين هو الحضور في اللحظة الحاضرة، و أن يعيش الإنسان اللحظة لا يفكر في الماضي أو في المستقبل. و أدب الوقت هو السبيل الوحيد عندهم ليحقق الإنسان من المطلق شيئاً و يكسب شيئاً من صفاته، و يساعد في شهود من لا يحويه الزمان و لا المكان، يساعد في شهود المطلق الشهود الذاتي!.
مقام الوسيلة:
مقام الوسيلة عند الجمهوريين مقام بين المطلق و المقيد، بين الخالق في إطلاقه و بين الخلائق من قمتها إلى قاعدتها. و هو المقام المحمود الذي تحقق للنبي صلى الله عليه و سلم ليلة الإسراء و المعراج التي ارتفع فيها حجاب الفكر عن النبي صلى الله عليه و سلم و تمت له الوحدة الذاتية و المكانية و حقق الأحدية. و هذا المقام عند الجمهوريين ليس حكراً على الرسول بل يمكن التوصل إليه بالهجرة من النفس السفلى إلى النفس العليا.
تحقيق الأحدية:
تحقيق الأحدية عند الجمهوريين هو الوصول إلى الله، و الوصول إلى الله عندهم عبارة عن الوصول إلى النفس العليا، التي هي نفس الله!.
الأصيل الإول:
يقصد بها الجمهوريون الحقيقة المحمدية متنزِّلة في الإرض، و بنزولها في الأرض يتم إنزال ملكوت السماء إلى الأرض. و الأصيل الأول في مواجهة الذات الإلهية هو أول قابل لتجلي المطلق و هو الذي يقيد المطلق.
الحق:
الحق عند الجمهوريين هو وجه الأشياء الذي يلي الحقيقة و هو الذي يستطيع أي إنسان -في رأيهم- في هذا العصر المتطوِّر تحقيقه من المطلق في الزمان و المكان، فمثلاً علم الإنسان النسبي هو ما يحققه أي إنسان في الزمان و المكان من علم المطلق، أما الذي يحققه الإنسان المتجلي بأدب الوقت فهو العلم المطلق.
منهج الجمهوريين في تفسير القرآن الكريم:
قول الجمهوريين بأن لكل كلمة في القرآن معنى بعيداً و معنى قريباً:
يؤمن الجمهوريون بأن لكل كلمة من كلمات القرآن الكريم معنى قريبا و معني بعيداً. و المعنى القريب هو الظاهر، و المعنى البعيد هو الباطن، و المعنى القريب هو الذي يمكن معرفته بمعرفة اللغة و إجادتها، و المعنى البعيد عند الرب لا يعلمه إلا الرسل و الأنبياء،أو الذين يستطيعون أن يتلقوا شريعتهم من الله كفاحاُ!!.
قال محمود محمد طه: "و من الأمور التي لا بد من تقريرها لتعين على فهم القرآن هو أن القرآن كله مثاني، كل آية فيه، و كل كلمة، بل و كل حرف.. و إلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: (الله نزَّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعرُّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء و من يضلل الله فما له من هادٍ)( الزمر:23) و معنى مثاني أنه معنيين اثنين، معنىً بعيد عند الرب و معنىً قريب تنزل من الرب إلى العبد.
زعم الجمهوريين أن لكل آية معنى قريباً و معنى بعيداً:
أمثلة لتفسيرهم:
1. قال تعالى: (و التين و الزيتون، و طور سينين، و هذا البلد الأمين)(التين:1-3) قال محمود محمد طه في تفسير هذه الآيات: يقول المفسرون في ذلك أن الله تبارك و تعالى أقسم بهذه الأعيان ((و التين)) .. و هو المعروف المأكول.. ((و الزيتون)) كذلك ((و طور سينين)) جبل بسيناء الذي كلَّم عليه موسى بن عمران ((و هذا البلد الأمين)) مكة المكرمة.. و لكن هذا التفسير قريب من القرب، و هو ما تعطيه اللغة، و في المعرفة الحقيقية الله لا يقسم إلا بنفسه، و هذه الأعيان في السور إن هي إلا رموز إليه تعالى تترقي في سلم من القاعدة إلى القمة، و هو سلم على شكل هرمي إن صح هذا التعبير، و هي قبل أن تصل في سلم الترقي إلى مستوى الرمز إليه تعالى إنما ترمز إلى الإنسان، لأنه في هذا السلم بينهما، أعني بين الإعيان و بين الله.
كما أن هذه الأعيان في رأي محمود محمد طه تشير إلى أربع مستويات من المستويات التي تشكل الشكل الهرمي الذي تشكله القوى البشرية المركوزة في البنية الجسدية، و هي النفس الحيوانية، و النفس الإنسانية، و النفس الملائكية –الروح- أو الذكاء- و النفس الكبرى التي هي القلب.
فالتين رمز للنفس الحيوانية، و الزيتون رمز للنفس الإنسانية، و طور سينين رمز للنفس الملائكية(الروح) و هذا البلد الأمين رمز للقلب. و النفس الإنسانية التي يرمز لها في الآية بالزيتون هي وسط بين النفس الحيوانية و النفس الملائكية، و لذلك قال تعالى في سورة النور: (شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية)(النور:35) أي وسط بين طرفي الملك و الحيوان، و هي تنشأ من لقاح الحيوان و الملك، كما ينشأ الجنين من لقاح المرأة و الرجل.
2. قال تعالى (( هل ينظرون إلا إن يأتيهم الله في ظُلل من الغمام و الملائكة و قضي الأمر و إلى الله ترجع الإمور)) (البقرة:210) قال الجمهوريون: و من آيات التجسيد أيضاً فوله تعالى: ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام...)) الآية، فالله تعالى في ذاته ليس بغائب حتى يأتي.. ثم هو لا يأتي في ظلل من الغمام فهي إشارة لتحديد عنه تتعالى الذات علواً كبيراً، فلم يبق إلا الذي يأتي في ظلل من الغمام وهو مقام الاسم، يأبي في تجسيد، هذا التجسيد هو الإنسان.. و كل الإحاديث التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، و هي أحاديث كثيرة، إنما تتحدث عن مقام الاسم و ليس عن الذات المطلقة..".
و قد أول الجمهوريون الآيات التي تتحدث عن الرؤية تأويلات لا تعقل، و من تلك الآيات قوله تعالى: ( وجوه يومئذٍ ناضرةٌ، إلى ربها ناظرةٌ) (القيامة: 23-22) و قوله تعالى: (تحيتهم يوم يلقونه سلامٌ) (الأحزاب:44) و قوله تعالى: (كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون، ثم إنهم لصالو الجحيم، ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون) (المطففين:15-17).
3. قال تعالى: (أم خُلقوا من غيرِ شيئٍ أم هم الخالقون)(الطور:35) قال الجمهوريون –تحت عنوان الخلق ليس من العدم- : "و من فساد العقيدة عند المسلمين اليوم الظن بأن الله خلق الوجود من العدم، فهذا الظن يجعل للعدم وجوداً مع الله، منه استمد الخلق..و على الرغم من ممَّا في هذا الظن من تناقض إذ كيف يجيئ الموجود من المعدوم؟! إلا أنه ظن شائع بين المسلمين و قد استنكره القرآن بقوله : (أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)(الطور:35) فكأن قولهم أنهم خلقوا من غير شيئ –من العدم- هو مستوى من الشرك يشابه القول بأنهم هم الخالقون، فالخلق لا يُستمد من غير الموجود و إنما يستمد من الموجود كامل الوجود".
فالنص السابق يؤكد إيمان الجمهوريين بأن المعدوم شيئ ثابت في العدم و هو عين الله بمعناه البعيد، و قد أولوا الآية التي استدلوا بها إلى تأويل لا يُعقل، و فيه الدليل على فساد ما يقولون، و على أن ما يقولونه كفرٌ صريح باتفاق أهل الإيمان، و أنه أبطل الباطل في بديهة عقل كل إنسان، فكل إنسان يقر بتوحيد الربوبية.
و قوله تعالى: ((أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)) دليل على أن المعدوم في نفسه ليس شيئاً، و أن ثبوته و وجوده و حصوله شيئ واحد، لأنه فيه أنكار اعتقاد أن يكونوا خلقوا من غير شيئ خلقهم، و فيه إنكار أن يكونوا هم الذين خلقوا أنفسهم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "و هو استفهام إنكار يقول أوُجِدوا من غير مبدع؟ فهم يعلمون أنهم لم يكونوا من غير مكوِّن، و يعلمون أنهم لم يكونوا من نفوسهم، و علمهم بحكم أنفسهم معلوم بالفطرة بنفسه، لا يحتاج أن يستدل عليه، بل كل كائن محدث، أو كل ممكن لا يوجد بنفسه، و لا يوجد من غير موجد".
4. قال تعالى: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساءً) (النساء:1). قال محمود محمد طه: "فالنفس الواحدة في الحقيقة هي نفس الله تعالى، و آدم مشمول بخطاب ((يا أيها الناس)) فآدم لم يكن بداية الخلق، و إنما هو مرحلة متقدمة منه.. ثم النفس الواحدة هي نفس آدم.. و إلى نفس المعنى الإشارة بقوله تعالى: (و سخر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعاً) (الجاثية: 13) فالآية تفيد –إلى جانب التسخير- أن جميع ما في السماوات والأرض مستمد من الله و هذا معنى منه من الآية... فالإنسان من الله صدر و إليه يعود و إلى هذا العود تشير الآية الكريمة: (يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه) (الانشقاق: 6) و الآية الكريمة: (و أنَّ إلى ربِِِِِِك المنتهى) (النجم:42) حركة العودة إلى الله هي حركة المحدود إلى المطلق، و من النَّقص إلى الكمال، و همي حركة ليس لها انتهاء".
5. قال تعالى: (سبحان ربِك رب العزة عما يصفون) (الصافات: 180). استدل محمود محمد طه بهذه الآية في حديثه عن الذات الإلهية و أنها لا توصف و لا يشار إليها و لا تعرف إلا إذا تجسدت و تنزلت في مراتب الوجود المختلقة و حققت المعية مع جميع المخلوقات (بالذات).
و الخطأ الذي وقع فيه محمود هو ظنه أن قول الله تعالى: ((سبحان ربِك ربِّ العزة عما يصفون...)) يُبيِّن أن الله سبحانه و تعالى لا يوصف و لا يسمى و لا يعرف، و أن الذي يُعرف و يُسمى بأسماء الله هو الإنسان الكامل الذي لا يشك أحدٌ في وجوده –في رأيه- فقد وُجد في العصور السابقة في كل رسول أو نبي إنسان كامل و وجد في هذا العصر في شخصه و أشخاص الجمهوريين من بعده، قال محمود: " الأمر كله أمر تنزُّلات، ففي البدء و لا بدء كان الله و لا شيئ معه.. و تلك مرتبة الذات الصرفة، أو الذات الساذج! فهي لا تعرف و لا تسمى و لا توصف".
6. قال تعالى: (عَمَّ يَتَساءلون، عن النبأ العظيم، الذي هم فيه مختلفون) (النبأ: 1-3) يزعم الجمهوريون أن النبأ العظيم الذي تساءل عنه أهل مكة و اختلفوا فيه و الوارد في قوله تعالى (عمَّ يتساءلون...) ليس هو يوم القيامة كما يظن المسلمون، و إنما هو محمود محمد طه، النبأ العظيم، و قد ظلَّت الإرض – في رأي الجمهوريين- محتفظة بهذا السر إلى القرن العشرين و باحت به الآن بعد أن أوقدت شمسها.
قال الجمهوري صلاح محمد عثمان السوداني في تقديمه لقصيدة في جلسة إنشاد جمهورية خالصة عقدت في منزل محمود محمد طه في يوم (20/4/1977): قصيدتنا التالية للأخ عوض الكريم موسى قال الله تعالى: ((عمَّ يتساءلون عن النبأ العظيم...)) ما هو النبأ العظيم؟ هو مقتضى فرط الجلاء، و أتى بها خبر السماء، هي ما عليه العالمون. تعالوا نلتقط النبأ من هذه القصيدة:
سر الحقيقة في خفاء
هو مقتضى فرط الجلاء
و أتى به خبر السماء
هي ما عليه العالمون
و الأرض توقد شمسها
و تقيم منها عرسها
و تشق عنها رمسها
و تبوح بالنبأ المصون
و الفرد في تحقيق كن
قد كان حتى لم يكن
هو فوق ما في كن يكن
فكماله في يكن يكن
7. قال تعالى: ( و جاء ربك و الملك صفاً صفاً ) (الفجر: 22) من الآيات يستدل بها الجمهوريون على مذهبهم في تجسد الذات الإلهية. قال الجمهوريون: "... فمثلاً إذا جاء في القرآن قوله تعالى: ((و جاء ربُك و المَلَك صفّاً صَفَّا)) فإن المفسرين يقولون جاء أمر ربك و هذا إفراغ للقرآن عن محتواه، إذ أن السؤال سيظل قائماً ما هو هذا الأمر؟ نحن عندما نقول إن الإمر هو المسيح فإن ذلك يعطي عبارات القرآن مدلولاتها، فيصبح هنالك معنىً محدد.. ثم أنَّ المسيح هو فعلاً أمر الله".
اختلاف الجمهوريين مع علماء المسلمين في التفسير ليس هو من جنس اختلاف علماء المسلمين فيما بينهم:
قد خالف محمود محمد طه زعيم الجمهورين صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم في التفسير، و خالف التابعين لهم بإحسان، و من جاء بعدهم من المفسرين الذين فسروا القرآن بالمأثور و حركوا العقل في إطار النصوص، أو أولئك الذين مالوا إلى تأويل الآيات المتشابهات.
و يتهم محمود محمد طه الصحابة بأنهم لم يعلموا من معاني القرآن شيئاً، و لذلك فهو يذمهم من هذه الناحية.
يقول محمود محمد طه: "الإسلام عائد عمَّا قريب بعون الله و توفيقه، و هو عائد لأن القرآن لا يزال بكراً لم يفض الأوائل منه أختاماً غير ختم الغلاف".
كما أن محمود محمد طه يعتمد في زعمه أنه هو الوحيد الذي فهم القرآن كما ينبغي بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم على أنَّ البشرية جمعاء لا تستطيع أن تستوعب النصوص الأصلية لأن فهمها ناقص و بيانها لم يحقق فرديته و من لم يرتق في سيره من العلم الناقص إلى العلم الكامل، و من المحدود إلى المطلق.
و المسألة التي أريد بيانها أن هذا التأويل الباطني الجمهوري الذي يعتقد محمود أنه التفسير الصحيح للقرآن الكريم تأويل باطني، و هو يختلف عن تفسير علماء التفسير للقرآن الكريم، فالاختلاف الذي كان بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أو أئمة التابعين أو غيرهم من المسلمين في التفسير هو اختلاف لا يغيِّر معاني القرآن و لا يخرجها عن المعنى المراد، و لا يؤدي إلى فساد العقيدة. أما اختلاف محمود محمد طه مع أئمة المسلمين فهو اختلاف أساسي، فتأويلاته الفاسدة تأكيد لعقيدته الفاسدة و لدعوته المخالفة.
و الاختلاف الثابت عن الصحابة بل عن أئمة التابعين لا يخرج عن وجوه: أحدها " أن يعبر كل منهم عن معنى الاسم بعبارة غير عبارة صاحبه فالمسمى واحد، و كل اسم يدل على معنىً لا يدل عليه الاسم الآخر مع أن كليهما حق بمنزلة تسمية الله بأسمائه الحسنى، قال تعالى: (قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيَّاً ما تدعو فله الأسماء الحسنى) (الإسراء:110).
الوجه الثاني: " أن يذكر كل منهما من تفسير الاسم بعض أنواعه أو أعيانه على سبيل التمثيل للمخاطب لا على سبيل الحصر و الإحاطة، كما لو سَئل أعجمي عن معنى لفظ الخبز فأُري رغيفاً فقيل هذا هو. فذاك مثال للخبز و إشارة إلى جنسه لا إلى ذلك الرغيف خاصة".
الوجه الثالث: " أن يذكر أحدهم لنزول الآية سبباً و يذكر الآخر سبباً آخر لا ينافي الأول، و في نزولها لأجل السببين جميعاً أو نزولها مرتين مرَّة لهذا و مرَّة لهذا. أما ما صحَّ عن السلف أنهم اختلفوا فيه اختلاف تناقض فهذا قليل بالنسبة إلى ما لم يختلفوا فيه".
و لا يمكن بحال من الأحوال أن تضم اسم محمود محمد طه صاحب التأويلات الفاسدة لقائمة المفسرين، لأن معرفته بصحيح المنقول و سقيمه، و صريح المعقول، و أسباب النزول، و الناسخ و المنسوخ، و اللغة العربية لا ترقى إلى مستوى المفسرين الذين عرفتهم الأمة الإسلامية و لا يمكن أن يداني مقامه مقام الأئمة الكبار في هذا المجال. فمحمود لم تتوفر فيه شروط المؤثرين لمنهج الدراية على منهج الرواية، لأنه ليس عالماً باللغة و النحو و الصرف و الاشتقاق و علوم البلاغة و القراءات و أصول الفقه و الأحاديث المبينة لمجمل القرآن.
تأويل ظاهر الحديث تأويلات باطلة:
يميل الجمهوريون إلى تأويل ظاهر الأحاديث إلى تأويلات لا تعقل، و مرادهم من ذلك -كما ترى- هو إبطال الشريعة، و قد ساروا في هذه المسألة على طريق الباطنية الأوائل و الثنوية و الدهرية و الإباحية من المنكرين للنبوة و الشرائع و الحشر والجنة و النار و الملائكة و الربوبية.
فيميل الجمهوريون إلى تأويل الإحاديث التي تتحدث عن رؤية الله في الآخرة، و يزعمون أن الله الذي يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام و الملائكة هو الإنسان الكامل. كما يميلون إلى تأويل الآيات التي تتحدث عن الصراط و الميزان و المعراج.
قال الجمهوريون: " و كل الإحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، و هي أحاديث كثيرة، إنما تتحدث عن مقام الاسم، و ليس عن الذات المطلقة، و ذلك لأن القيامة زمان و مكان و الذات المطلقة لا يحويها الزمان و لا المكان .. و لأن الرؤية لا تكون إلا للمحدود، و الذات المطلقة تتعالى أن تراها البصائر و الأبصار".
للإحاديث معنيان عند الجمهوريين:
جعل الجمهوريون للأحاديث معنيين: معنىً قريباً، و معنىً بعيداً. المعنى البعيد هو المقصود لذاته، و المعنى القريب في معظم الأحيان و سيلة للمعنى البعيد، و ذكروا أن الذي يفهم المعنى القريب دون المعنى البعيد لم يفهم الإحاديث.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)). قال محمود محمد طه في كتابه (رسالة الصلاة): " ((صلوا كما رأيتموني أصلى))!! هكذا أمر النبي في تبليغه رسالة ربه، فالصلاة معراج النبي بالأصالة و معراج الأمة بعده بالتبعية و التقليد.. و كلمة ((رأيتموني أصلي)) لها معنى بعيد و معنى قريب، .. فأما المعنى البعيد فهو أن نرى بعين البصيرة حال قلب النبي من صدق التوجه حين يقوم لصلاته، و أما المعنى القريب فهو أن نرى بعين البصر حركات النبي الظاهرة في صلاته فنتقنها أيضاً .. فنحن بدون أن نراه بعين البصيرة و بعين البصر، و بعبارة أخرى بدون أن نعرف حال قلبه و حركات جسده لا نكون قد رأيناه.. و إذا صلينا بمحاكاة حركات الجسد، بدون محاكاة صدق توجه القلب لانكون قد أطعنا عبارته ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) .. بذلك تكون صلاتنا صلاة يحق فيها قول الله تعالى : ( فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون، و يمنعون الماعون) (الماعون:4-7) سماهم المصلين، لأن حركاتهم حركات مصل، ثم قال فيهم أنهم عن صلاتهم ((ساهون)) يعني غافلون عن حقيقة صلاتهم و هي تقوم فيها الصلة بين الله و بينهم و ذلك بحضور قلوبهم فيها، و لذلك قال (( الذين هم يراؤون )) أي يهتمون بالظاهر و يهملون الباطون ((و يمنعون الماعون)) و الماعون يعني القلب يمنعونه من الله أن يكون فيه و يملئونه بأصنام حب الجاه و حب السلطة". فحديث (( صلوا كما رأيتموني أصلي)) فيه أمران :
أمر بالتقليد و أمر بالأصالة-في رأي الجمهوريين- جاء في الكتاب (رسالة الصلاة) : ( فالنبي أتانا بلسان الحقيقة –لسان الحال- أمراً بالأصالة ". فمعنى الحديث عند الجمهوريين أن النبي صلى الله عليه و سلم قد قال بلسان العبارة " قلدوني إلى أن تكونوا أصلاء مثلي" و قد أخطأ الجمهوريون في هذه المسألة التي اعتمدوا فيها على تأويلاتهم الفاسدة، و التي حاولوا أن تكون سنداً لهم في الدعوة إلى الأصالة – ترك التقليد- أو ترك الصلاة الشرعية.
و هذا الحديث الذي تحدث عنه الجمهوريون له معنى واحداً و فيه تنصيص على أن فعل النبي صلى الله عليه و سلم مبين لأصحابه، و المراد من هذا الحديث واضح و بيِّن و هو أن نصلي بالكيفية التي وضحها لنا الرسول صلى الله عليه و سلم و إظهار المراد قد يكون بالفعل أبلغ منه بالقول، و لهذا السبب نرى أن محموداً قد أخطأ في جعله للمتقن للصلاة الحركية و غير المدرك للمعنيين الذين تحدث عنهما من الذين هم عن صلاتهم ساهون، و من الذين لا صلاة لهم فالآيات التي استدل بها محمود في هذه المسألة لها معنى يختلف عن المعنى الذي يتحدث عنه، و الذي وصل إليه بتأويله الباطل.
خـــاتمة:
بان لنا بعد استعراضنا نماذج من التفسير الجمهوري أن الاتجاه الجمهوري في تفسير القرآن الكريم و في شرح السنة النبوية أتجاه باطني منحرف عن النهج القويم في تفسير القرآن الكريم أو شرح السنة النبوية. فالتأويل الباطني عند الجمهوريين يخرج بالقرآن الكريم عن هدفه الذي يرمي إليه، فالقرآن الكريم يقصد هدفاً معيناً، و الجمهوريون يقصدون هدفاً معيناً بتأويلاتهم الفاسدة، و بين الهدفين تنافر و تضاد، فيأبى الجمهوريون إلا أن يحوِّلوا القرآن عن مقصده و هدفه إلى مقصدهم و هدفهم، فيقيمون مذهبهم و يروجون له على حساب القرآن الكريم و السنة النبوية.
فهدفهم أن يقيموا مذهبهم في ظاهره على أساس من تفسيرهم لكتاب الله، و بهذا الصنيع يكون الجمهوريون قد خدموا هدفهم و لم يقدموا لكتاب الله شيئاً إلا هذا التأويل الفاسد، الذي كله شر على الدين و إلحاد في آيات الله. و قد اتبع محمود في تأويله المنهج المذموم في التفسير، و عارض النصوص الصريحة في القرآن الكريم، و قال بمرحلية الآيات المعارضة لمذهبه و التي لم يستطع تأويلها لصراحتها، و تأويلاته للآيات القرآنية و الأحاديث النبوية تأويلات باطلة متكلفة يمجها الذوق السليم و لا تتفق في قليل و كثير مع قواعد الدين و بلاغة القرآن الكريم و فصاحة الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم فنسأل الله العافية في الدين و الدنيا و الآخرة.
فهرس المصادر و المراجع:
1. ابن باز: حكم الإسلام في من زعم أن القرآن متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات، أو وصف الرسول صلى الله عليه و سلم بما يتضمن تنقصه أو الطعن في رسالته، ط المملكة العربية السعودية (ب.ت).
2. ابن تيمية: الفتاوى ط. السعودية، تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية و الأوقاف 1995م.
3. أبو الحسن الإشعري: اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع، ط مطبعة مصر 1955م.
4. أبو الحسن الندوي: القادياني و القاديانية.
5. العلوي: الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام، ط. منشأة الإسكندرية (ب.ث).
6. إبن القيم: أمثال القرآن، تحقيق ناصر بن سعد الرشيد ط 2. 1402هـ المملكة العربية السعودية.
7. الذهبي: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم دوافعها و دفعها، ط مصر 1396هـ، مصر.
8. الذهبي: التفسير و المفسرون ط2. دار الكتب الحديثة 1396هـ.
كتب الجمهوريين:
1. محمود محمد طه: السفر الأول ط1. أكتوبر 1945م الخرطوم.
2. محمود محمد طه: قل هذه سبيلي ط1. 1952م أم درمان.
3. محمود محمد طه: رسالة الصلاة ط1. 1385هـ أم درمان.
4. محمود محمد طه: الرسالة الثانية من الإسلام ط. 1967م.
5. محمود محمد طه: رسائل و مقالات ط 1393هـ أم درمان.
6. الإخوان الجمهوريون : عقيدة المسلمين اليوم ط 1403هـ.
7. الإخوان الجمهوريون: التقليد و الأصيل و الإصلاء ط1. 1982م.
8. الإخوان الجمهوريون: اليوم الهجرة من النفس السفلى إلى النفس العليا ط1. 1981م.
----------
- الفتاوى 4: 69
- الفتاوى 13 : 313
- كتاب الفكر الإسلامي، تأليف نخبة من الإساتذة ط3. جامعة الإمارات 2003م، ص99.
- التأويل عند علماء اللاهوت تفسير الكتب المقدسة تفسيراً رمزياً أو مجازياً يكشف عن معانيها.
- انظر: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي للدكتور محمد أحمد الخطيب ص 30.
- التفسير و المفسرون للذهبي 2: 232 و انظر المواقف للأيجي 8: 388.
- انظر لمعرفة المزيد عن هذه الفرق الباطنية القديمة الكتب الآتية: فضائح الباطنية للغزالي و كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي و الفتاوى لابن تيمية و الملل و النحل للشهرستاني والفصل في الملل و الأهواء و النحل لابن حزم و الفرق بين الفرق للبغدادي.
- أتباع الشيخ أحمد الإحسائي و كاظم الرشتي بإيران. و قد كان الباب شيخياً. انظر: البهائية لإحسان إلهي ظهير و وثائق عن البهائية للدكتورة بنت الشاطئ و البهائية لعبد الرحمن الوكيل.
- البابية أتباع الباب علي محمد الشيرازي الذي نفذ عليه حد الردة بإيران في 1256هـ لقوقه بنسخ الشريعة الإسلامية.
- البهائية أتباع البهاء حسين علي المازندراني الذي كان بابياً و قال بالتأويل الباطني الذي أدى به إلى القول بتجسد الذات الإلهية و تغيير الصلاة و الصوم و الحج إلخ.
- أتباع الإغاخان و الآن يوجد الأغاخان الرابع.
- هذه الفرقة هي موضوع البحث و سيأتي الكلام عنها.
- فسر زعيم البهرة قول الله تعالىو اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا)(آل عمران103) بأن الحبل المشار إليه له طرفان: أحدهما بيد الله – تعالى عن ذلك- و الآخر بيده!! (كتاب الحركات الباطنية للبروفسير جلي- كتاب مخطوط-).
- يعتمد الميرزا غلام أحمد القادياني – الذي تنسب إليه القاديانية- على الإلهامات و الرؤى و يستدل- شأن الباطنية- بحساب الجمل و الأعداد و يسترسل في تأويل الآيات و الكلمات الواردة في الأحاديث و يعتبرها كلها مجازات و استعارات – كما يقول أبو الحسن الندوي في كتابه القادياني و القاديانية ص64، 65. و قد أصدر الميرزا أربع رسائل من رسائله الأربعين التي وعد بها و ألف رسالة (تحفة الندوة) و صنف (شهادة القرآن) و كتاب(حقيقة الوحي)و ألف إبنه الميرزا بشير الدين محمود كتاب(حقيقة النبوة) و صنف محمد علي الذي تزعم فرعاً من فروع القاديانية و هو الفرع اللاهوري مؤلفات كثيرة منها (THE ISLAM) و الترجمة الإنجليزية للقرآن، و منهج محمد علي اللاهوري في تفسير القرآن منهج باطني.
- انظر: كتاب نشأة الفلسفة الصوفية ص 80، 81.
- بيان مذهب الباطنية و بطلانه للديلمي ص39، 40، ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان. الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير ص481.
- فضائح الباطنية لأبي حامد الغزالي، الباب الخامس، الفصل الأول ص55، ط. الكويت: الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير ص 481، 482.
- الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام ص 71 ط منشأة المعارف، الاسكندرية.
- محمود محمد طه: مؤسس فرقة الجمهوريين و رئيسها و شيخها. ولد بقرية الهجليج في سنة 1912م. و الهجليج قرية تقع شمال مدينة رفاعة الواقعة في وسط السودان، شرق النيل الأزرق. تخرج من كلية غردون الجامعية و عمل في بداية حياته مهندساً في شكك حديد السودان، ثم مهندساً في الإدارة المركزية للكهرباء، ثم عمل بعد ذلك مهندساً في القطاع الخاص بمدينة كوستي- وسط السودان- و في سنة 1965م تفرغ تماماً لفرقته التي أنشأها، و جعل مقر إقامته الدائمة بأم درمان بالسودان.نفذ عليه حد الردة الرئيس السوداني جعفر نميري في عام 1985م.
- المعية بالذات: يؤمن الجمهوريون بالمعية بالذات و عقيدتهم في المعية بالذات تابعة لعقيدتهم في في التجسد و لمذهبهم في الإسراء و المعراج. بيان مذهبهم في المعية أن زعيمهم –محمود محمد طه- يرى أن يرى أن معية الله مع عبده تختلف باختلاف درجات معراج العبد إلى ربه أو تنزل الذات الإلهية في سلم الوجود حسب درجة الصبر التي يتمتع بها الإنسان. فالصابر عن الله تكون معية الله معه بالذات و القول بالمعية بالذات كفر و إلحاد و لم يقل به حتى المشبهة الذين بالغوا في التشبيه.
و قد ذكر الشيخ محمد بن خضر بن مايابي الموريتاني في كتابه (استحالة المعية بالذات و ما يضاهيها في متشابه الصفات) أنه ما رأى أحداً نسب إليه القول بالمعية بالذات إلا ما ذكر عن شخص يسمى إبراهيم المواهبي الشاذلي.
- يعتبر محمود محمد طه وحدة الوجود أصلاً من أصول الدين.
- لا يوجد شيئ عند محمود إسمه المعدوم، بل المعدوم كان موجوداً في صورة أخرى تطور إليها أو نقص عنها، فالإمر مستمر بلا بداية و لا نهاية و المادة أزلية أبدية.
- عقائد البابكية و الحزمية و الخابطية و البيانية و الدروز و النصيرية والقاديانية إلخ.
- الذات عندهم يجب أن تتجسد و تتنزل في مراتب الوجود المختلفة.
- اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع لأبي الحسن الأشعري ط مطبعة مصر1955 ص83.
- انظر: صحيح مسلم المجلد الإول، نشر و توزيع دار البحوث العلمية و الإفتاء و الدعوة، المملكة العربية السعودية، المقدمة ص 5.
- عرف الاصطلاح بأنه اتفاق طائفة من الناس على شيئ إذا ذكر تبادر معناه إلى الأذهان و بعبارة أخرى الاصطلاح لفظ خاص اصطلح بعض الناس على معنى معين له فحين يطلق هذا اللفظ يتبادر إلى الذهن ذلك المعنى الاصطلاحي المتفق عليه. (حكم الإسلام في الاشتراكية لعبد العزيز البدري ص132).
انظر: عقيدة المسلمين اليوم- مرجع سابق-. -
- قال ابن تيمية ليس من كلام النبي صلى الله عليه و سلم و لا يعرف له سند صحيح و لا ضعيف و تبعه الزركشي و العسقلاني.
- الإخوان الجمهوريون: عقيدة المسلمين اليوم ص 83، 84.
- كبيِّت (أكتيور الثانية و الكتلة الثالثة) للإخوان الجمهوريين ط 1. 1301هـ ص 12 .
- ط 140 هـ ص 20.
- رسالة الصلاة لمحمود محمد طه.
- انظر: رسائل و مقالات لمحمود محمد طه ص61/نشرة داخلية بتاريخ 3/4/1982 ص3 الإخوان الجمهوريون/ الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي/ رسالة الصلاة لمحمود محمد طه ط 1399هـ ص 44.
- الثورة الثقافية لمحمود محمد طه ص 22.
- رسالة الصلاة لمحمود محمد طه ص 44.
- أي أن اللغة لا تستطيع أن تعطي المعنى الحقيقي المقصود من الكلمات، فهي عند الجمهوريين لا تحمل من معاني القرآن الحقيقية شيئاً، و لا تخبر عن المقصود منه في الحقيقة.
- إشارة إلى مذهبهم في وحدة الوجود المادية التي تجعل الله سبحانه و تعالى مادة الأشياء .
- سلم التطور.
- رسائل و مقالات لمحمود محمد طه، الكتاب الإول ص 44.
- رسائل و مقالات، الكتاب الثاني ص 45.
- رسائل و مقالات لمحمود محمد طه 2/29.
- عقيدة المسلمين اليوم ص 46، 47
ج1 ط ربيع الأول1403هـ ص 53. - عقيدة المسلمين اليوم
- الفتاوى ابن تيمية، المجلد الثاني، توحيد الربوبية ص 156.
- الفتاوى مجلد توحيد الربوبية ص 11.
- عقيدة المسلمين اليوم ص 53، 54.
- محمود محمد طه، رسائل و مقالات، الكتيب الثاني ص 45.
- عقيدة المسلمين اليوم ص 43-48.
- القاعدة المراكشية ص 32، 33.
- انظر: القاعدة المراكشية لابن تيمية، تحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد و الأستاذ رضا بن نعسان ط مطابع صفا، مكة المكرمة 1401هـ ص 32-34.
- مجرد معرفة اللغة لا يعين على معرفة التفسير و فهمه بالتفصيل، بل لا بد من معرفة أسباب النزول و معرفة المعاني الدقيقة للقرآن عن طريق النقل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال تعالى ((و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم و لعلهم يتفكرون)) (النحل:44)، انظر: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم للذهبيص 10.
- أي الإنسان الكامل عند الجمهورين.
- الإخوان الجمهوريون: عقيدة المسلمين اليوم ص 47. و انظر: موقف الجمهوريين من السنة النبوية للدكتور شوقي بشير ط 1 رابطة العالم الإسلامي، سلسلة دعوة الحق، سبتمبر 1987م ص 47، 48.
- لمعرفة المزيد عن أن إظهار المراد بالفعل أبلغ منه بالقول و أن لهذا الحديث معنى يختلف عن فهم محمود محمد طه له أنظر: أصول السرخسي 2/27، و انظر: موقف الجمهوريين من السنة النبوية للدكتور شوقي بشير ط: رابطة العالم الإسلامي، مكة، سلسلة دعوة الحق 1987م.
سلام عادل :: الاولى :: معتقدات واديان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد يوليو 30, 2017 5:37 pm من طرف Admin
» فوائد و اضرار الحمص
الخميس يوليو 06, 2017 12:36 am من طرف Admin
» مواضع الحجامة الخاصة بكل مرض
السبت يونيو 03, 2017 12:05 am من طرف Admin
» 22 ماده سامه في منازلكم ...؟؟؟؟
الثلاثاء مايو 23, 2017 10:39 am من طرف Admin
» فستق العبيد - الفول السوداني
الأحد مايو 14, 2017 5:55 pm من طرف Admin
» الحياة الايروتيكية في الحقبة الاسلامية 2
الخميس أبريل 06, 2017 7:19 pm من طرف Admin
» حلف الناتو الشيطان الملعون
السبت فبراير 18, 2017 2:53 pm من طرف Admin
» العلمانية العلاج الوحيد لامن واستقرار الامم والشعوب
الجمعة يناير 27, 2017 2:50 am من طرف Admin
» تعرف على أنواع الصوص المختلفة وتاريخها
الخميس ديسمبر 08, 2016 8:44 am من طرف Admin
» تقضي على السعال، وتزيل أثار البرد العام.
الثلاثاء أكتوبر 25, 2016 3:10 am من طرف Admin
» نباتات عامة
الجمعة أكتوبر 21, 2016 5:28 pm من طرف Admin
» معلومه غاية في الاهمية وناجحة 100% للجلطه الدماغية
السبت سبتمبر 03, 2016 9:37 pm من طرف Admin
» تعانين من تساقط الشعر بعد الولادة؟..اكتشفي متى تتخلّصين من المشكلة
الإثنين أغسطس 22, 2016 12:33 pm من طرف Admin
» السكري : الانسولين لم يعد كما كان عليه من قبل
الأحد يونيو 12, 2016 1:40 am من طرف Admin
» الذكرى المشؤمة لاجتياح الامريكان وتحالفاتهم العراق تحت ذريعة تحريرهم من الطاغية الارعن صدام حسين
الجمعة أبريل 29, 2016 5:16 am من طرف Admin
» ما هي المشروبات التي تخفض ضغط الدم؟
الجمعة مارس 25, 2016 5:27 pm من طرف Admin
» ماذا جرى في قصر الرحاب ؟ ومقتل العائلة المالكة في العراق
الخميس مارس 24, 2016 11:37 pm من طرف Admin
» ما هي الخلايا الجذعية؟
الإثنين مارس 21, 2016 3:21 am من طرف Admin
» المضادات الحيويه .. المضاد الحيوى فوائد واعراض جانبية
الإثنين مارس 07, 2016 2:16 am من طرف Admin
» قصة اليوم : أخبريني من إلهك
الخميس مارس 03, 2016 12:11 pm من طرف Admin
» طيار إيراني
الأحد يناير 10, 2016 12:30 pm من طرف Admin
» جرائم المسلمين فيما بينهم فاي دين هذا الذي يقتل اتباعه بعضهم بعضا ؟
السبت يناير 09, 2016 9:42 am من طرف Admin
» قصة ساجدة طلفاح مع دكتورة عراقية
الجمعة ديسمبر 18, 2015 11:15 am من طرف Admin
» هل اختيار المجرم البغدادي في استفتاء كثالث ابرز شخصية في العالم اعتباط ؟
الجمعة ديسمبر 11, 2015 10:14 pm من طرف Admin
» أدوية لبعض الأمراض الشائعة
الجمعة ديسمبر 04, 2015 3:38 am من طرف Admin
» حيلة بسيطة للتخلص من الحشرات وبالأخص البعوض! مع مزيد من النصائح تابع-ي-نا للاخير
الجمعة أكتوبر 02, 2015 5:20 pm من طرف Admin
» بالصور/ مقتل عزت الدوري نائب الرئيس العراقي المقبور صدام حسين
الخميس سبتمبر 17, 2015 3:55 pm من طرف Admin
» أطعمة تقوى الذاكرة وتحارب النسيان
السبت أغسطس 29, 2015 1:18 am من طرف Admin
» قصة الحكومات التركية
السبت أغسطس 01, 2015 12:53 pm من طرف Admin
» فلسطين تطالب بتحرك عربي وإسلامي عاجل لإنقاذ القدس
الأحد يوليو 26, 2015 4:06 pm من طرف Admin
» شهادة للتاريخ : الهجوم الرجعي في الموصل، وموقف عبد الكريم قا
الأربعاء يوليو 15, 2015 3:56 am من طرف Admin
» المستشرقون الجدد
الإثنين يوليو 06, 2015 2:39 am من طرف Admin
» اشهر اربعة عشر سطو وسرقة في التاريخ
السبت يونيو 27, 2015 4:47 pm من طرف Admin
» اعترافات فاطمة يوسف المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين
الأحد يونيو 21, 2015 4:57 pm من طرف Admin
» عيد ياعيد باي حال ستعود ياعيد ؟
الأحد يونيو 21, 2015 4:14 am من طرف Admin
» المالكي ينتقد الجيش ويحمل "المؤامرة" مسؤولية سقوط مناطق عراقية
الأحد يونيو 14, 2015 7:33 am من طرف Admin
» معلومات مع الصور تجهلها
الإثنين مايو 25, 2015 5:00 am من طرف Admin
» ماذا عليك تناوله من الاكلات الصحية لمقاومة المشاكل
الثلاثاء مايو 19, 2015 4:02 pm من طرف Admin
» المخللات الطرشي
الثلاثاء مايو 12, 2015 2:14 am من طرف Admin
» منشقة عن الإخوان المسلمين تكشف مفاجأة جديدة عن اعتصام رابعة العدوية
الأربعاء أبريل 29, 2015 12:39 pm من طرف Admin
» دبس الفليفلة - الفلفل
الجمعة مارس 27, 2015 11:14 pm من طرف Admin
» اكلات من المطبخ التركي
الجمعة مارس 27, 2015 4:27 pm من طرف Admin
» تاريخ السبح
الجمعة مارس 13, 2015 4:22 pm من طرف Admin
» المسبحة ..................
الجمعة مارس 13, 2015 4:17 pm من طرف Admin
» انواع السبح العراقية
الجمعة مارس 13, 2015 3:44 pm من طرف Admin
» افضل انواع السبح
الجمعة مارس 13, 2015 3:19 pm من طرف Admin
» والدة الأمة أنجيلا ميركل خريجة جامعة كارل ماركس.. تحكم أوروبا
الأحد يناير 11, 2015 7:28 pm من طرف Admin
» نبات الارطة
الإثنين ديسمبر 22, 2014 8:10 pm من طرف Admin
» التأويل الباطني عند الجمهوريين
الجمعة أكتوبر 03, 2014 3:26 am من طرف Admin
» هل حرب داعش المجرمة هي حرب دين طائفية ؟ ام تنفيس عن عوامل اجرامية تعتمل في نفوس مكوناتها ؟
الأحد سبتمبر 28, 2014 9:05 pm من طرف Admin
» كفانا انتصارات الاهية وهمية وعلينا البدء بصنع السلام وترسيخ اوزاره في كل عالمنا العربي
السبت أغسطس 23, 2014 4:46 am من طرف Admin
» من هو عدو الله وعدو الانسان ؟
الأحد أغسطس 17, 2014 3:19 am من طرف Admin
» الاستشراق الجديد-.. ما بين -القاعدة- وربيع -الحرية-
الخميس يونيو 05, 2014 4:33 am من طرف Admin
» كيف تستخدم الزنجبيل ؟
الأحد أبريل 27, 2014 6:40 pm من طرف Admin
» هل تشكك عظام الإبل في الكتاب المقدس؟
الإثنين فبراير 24, 2014 3:59 am من طرف Admin
» ما هو دواء ايبوبروفين
الخميس فبراير 20, 2014 10:05 pm من طرف Admin
» ماهي فوائد واضرار المتة ؟
الأربعاء فبراير 19, 2014 5:38 am من طرف Admin
» الأعشاب المضادة للأكسدة
الثلاثاء فبراير 18, 2014 5:45 pm من طرف Admin
» ماذا تعرف عن الفيس بوك ؟
الأحد فبراير 16, 2014 5:35 pm من طرف Admin
» ابرز احداث العراق عام 2013
الإثنين فبراير 10, 2014 8:18 pm من طرف Admin
» المنطقة 51 – الاكثر سرية وغرابة في العالم
الجمعة فبراير 07, 2014 2:15 am من طرف Admin
» اسرار الاهرامات
الثلاثاء ديسمبر 31, 2013 4:25 am من طرف Admin
» كتب عقل طه مايلي من موقع الشيعة الاسترالي تفاصيل مؤامرة السقيفة .
السبت ديسمبر 28, 2013 3:17 pm من طرف Admin
» أسرارٌ خلف الصفقة المثلثة الاضلاع بين طهران وواشنطن والمجموعة الاوروبية - القوة الثالثة
الأربعاء ديسمبر 04, 2013 9:47 pm من طرف Admin
» شاهد هذه الهيليكوبتر المزوده بثمانيه عشر محرك
الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 4:05 am من طرف Admin
» فكر جيدا>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 3:51 am من طرف Admin
» اصطياد اكبر وحش في العالم كان بالبحر في دولة الصين
الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 3:39 am من طرف Admin
» من اجل القضاء على احداث الجحيم العربي وازالة اثاره بازالة انظمة اقطاعية كالسعودية
الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 5:11 am من طرف Admin
» عناوين مثقلة بالمعان الانسانية تستخدم اليوم ضد الانسانية مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان
السبت أكتوبر 05, 2013 6:08 am من طرف Admin
» لنقف صفا واحدا لدحر نموذج الجحيم العربي القذر ومنعه من التغلغل في اي قطر عربي اخر .
الخميس سبتمبر 26, 2013 3:18 am من طرف Admin
» ماذا وراء نصرة الاخوان المسلمين والاسلام المتطرف في مجتمعاتنا العربية الاسلامية .
الثلاثاء أغسطس 27, 2013 8:48 pm من طرف Admin
» فجوة الجحيم" تظهر قرب والت ديزنيالاثنين، 12 آب/اغسطس 2013،
الإثنين أغسطس 12, 2013 3:34 pm من طرف Admin
» كيف كان العراقيين يواجهون قيض الصيف الشديد
الإثنين أغسطس 05, 2013 4:01 am من طرف Admin
» فوائد القرفة ( الدارسين ) مكمل
الإثنين أغسطس 05, 2013 12:46 am من طرف Admin
» اكثر من مئة كلمة قرانية قد تفهم خطاء؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
الجمعة أغسطس 02, 2013 8:28 pm من طرف Admin
» يجب على المنظات الانسانية حكومية ومدنية الضغط على المجتمع الدولي لوقف تاييده للعصابات الارهابية الاسلامية تحت اي مبرر كان .
السبت يوليو 27, 2013 4:53 pm من طرف Admin
» الرئيس المصري حازم البيلاوي يعلن . نحارب لارجاع الامن للشارع المصري .
الأحد يوليو 21, 2013 3:05 am من طرف Admin
» انتفاضة الشعب التركي هي نوروز الشعوب ضد الطغيان الديني الطائفي الممقوت ... هي ربيع حقيقي ضد الجحيم العربي .
الإثنين يونيو 03, 2013 7:08 am من طرف Admin
» القسوة لدى صدام حسين...... " دولاب الدم"….الجزء الأخير
الأحد مايو 19, 2013 6:36 am من طرف Admin
» معلومات هامة عن أهم المدن التى إختفت من العالم !!
الجمعة أبريل 26, 2013 2:02 am من طرف Admin
» تسارناييف "مغرداً" بعد تفجيرات بوسطن: ابقوا بأمان
السبت أبريل 20, 2013 1:33 pm من طرف Admin
» مرة اخرى واخيرة الاخوان المسلمين وراء تفجيرات بوسطن
السبت أبريل 20, 2013 5:50 am من طرف Admin
» الظواهري : المجاهدين سيتوجهون الى القدس لتحريرها ؟
الإثنين أبريل 08, 2013 3:59 am من طرف Admin
» خلفان يهاجم "إخوان" مصر بعد استدعاء المنهاليالخميس ، 04 نيسان/ابريل 2013،
الخميس أبريل 04, 2013 1:26 pm من طرف Admin
» الأردن: نواب يصفون القمة العربية بـ"المهزلة" العربية الأربعاء، 27 آذار/مارس 2013، آخر تحديث 23:29 (GMT+0400)
الأربعاء مارس 27, 2013 10:11 pm من طرف Admin
» كل مناسبة اطرح هذا السؤال مؤتمر قمة عربية ام مؤتمر غمة عربية ؟
الأربعاء مارس 27, 2013 1:11 am من طرف Admin
» عيد الام في ظل السعي لقتل الشعوب العربية على يد الاسلاميين الساسين الكفرة
الخميس مارس 21, 2013 2:50 pm من طرف Admin
» موسوعة البهارات بالصور مع طرق خلط بعض البهارات
الجمعة مارس 15, 2013 7:37 pm من طرف Admin
» ماهي العلمانية ؟
الأحد مارس 10, 2013 4:16 am من طرف Admin
» السعودية وحقوق الانسان والربيع العربي الى اين
الجمعة مارس 08, 2013 6:39 pm من طرف Admin